ومنها كلام القصاص والوعاظ الذين يمزجون بكلامهم البدعة .
فالقاص إن كان يكذب في أخباره فهو فاسق والإنكار عليه واجب وكذا الواعظ المبتدع يجب منعه ولا يجوز حضور مجلسه إلا على قصد إظهار الرد عليه إما للكافة إن قدر عليه أو لبعض الحاضرين حواليه فإن لم يقدر فلا يجوز سماع البدع .
قال الله تعالى لنبيه فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ومهما كان كلامه مائلا إلى الإرجاء وتجرئة الناس على المعاصي وكان الناس يزدادون بكلامه جراءة وبعفو الله وبرحمته وثوقا يزيد بسببه رجاؤهم على خوفهم فهو منكر ويجب منعه عنه لأن فساد ذلك عظيم بل لو رجح خوفهم على رجائهم فذلك أليق وأقرب بطباع الخلق فإنهم إلى الخوف أحوج وإنما العدل تعديل الخوف والرجاء كما قال عمر Bه لو نادى مناد يوم القيامة ليدخل النار كل الناس إلا رجلا واحدا لرجوت أن أكون أنا ذلك الرجل ولو نادى مناد ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلا واحدا لخفت أن أكون أنا ذلك الرجل .
ومهما كان الواعظ شابا متزينا للنساء في ثيابه وهيئته كثير الأشعار والإشارات والحركات وقد حضر مجلسه النساء فهذا منكر يجب المنع منه فإن الفساد فيه أكثر من الصلاح ويتبين ذلك منه بقرائن أحواله بل لا ينبغي أن يسلم الوعظ إلا لمن ظاهره الورع وهيئته السكينة والوقار وزيه زي الصالحين وإلا فلا يزداد الناس به إلا تماديا في الضلال .
ويجب أن يضرب بين الرجال والنساء حائل يمنع من النظر فإن ذلك أيضا مظنة الفساد والعادات تشهد لهذه المنكرات ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلوات ومجالس الذكر إذا خيفت الفتنة بهن فقد منعتهن عائشة Bها فقيل لها إن رسول الله A ما منعهن من الجماعات فقالت لو علم رسول الله A ما أحدثن بعده لمنعهن // حديث عائشة لو علم رسول الله A ما أحدثن أي النساء من بعده لمنعهن المساجد متفق عليه // وأما اجتياز المرأة في المسجد مستترة فلا تمنع منه إلا أن الأولى أن لا تتخذ المسجد مجازا اصلا .
وقراءة القراء بين يدي الوعاظ مع التمديد والألحان على وجه يغير نظم القرآن ويجاوز حد التنزيل منكر مكروه شديد الكراهة أنكره جماعة من السلف .
ومنها الحلق يوم الجمعة لبيع الأدوية والأطعمة والتعويذات وكقيام السؤال وقراءتهم القرآن وإنشادهم الأشعار وما يجري مجراه فهذه الأشياء منها ما هو محرم لكونه تلبيسا وكذبا كالكذابين من طرقية الأطباء وكأهل الشعبذة والتلبيسات وكذا أرباب التعويذات في الأغلب يتوصلون إلى بيعها بتلبيسات على الصبيان والسوادية فهذا حرام في المسجد وخارج المسجد ويجب المنع منه .
بل كل بيع فيه كذب وتلبيس وإخفاء عيب على المشتري فهو حرام .
ومنها ما هو مباح خارج المسجد كالخياطة وبيع الأدوية والكتب والأطعمة فهذا في المسجد أيضا لا يحرم إلا بعارض وهو أن يضيق المحل على المصلين ويشوش عليهم صلاتهم فإن لم يكن شيء من ذلك فليس بحرام والأولى تركه ولكن شرط إباحته أن يجري في أوقات نادرة وأيام معدودة فإن اتخاذ المسجد دكانا على الدوام حرم ذلك ومنع منه .
فمن المباحات ما يباح بشرط القلة فإن كثر صار صغيرة .
كما أن من الذنوب ما يكون صغيرة بشرط عدم الإصرار فإن كان القليل من هذا لو فتح بابه لخيف منه أن ينجر إلى الكثير فليمنع منه وليكن هذا المنع إلى الوالي أو إلى القيم بمصالح المسجد من قبل الوالي لأنه لا يدرك ذلك بالاجتهاد وليس للآحاد المنع مما هو مباح في نفسه لخوفه أن ذلك يكثر