بالاعتقادات فقلوب اليهود والنصارى أيضا مطمئنة بما يسمعونه من آبائهم وأمهاتهم إلا أنهم اعتقدوا ما اعتقدوا خطأ لأنهم ألقى إليهم الخطأ والمسلمون اعتقدوا الحق لا لإطلاعهم عليه ولكن ألقى إليهم كلمة الحق .
الرتبة الثانية أن تسمع كلام زيد وصوته من داخل الدار ولكن من وراء جدار فتستدل به على كونه في الدار فيكون إيمانك وتصديقك ويقينك بكونه في الدار أقوى من تصديقك بمجرد السماع فإنك إذا قيل لك إنه في الدار ثم سمعت صوته ازددت به يقينا لأن الأصوات تدل على الشكل والصورة عند من يسمع الصوت في حال مشاهدة الصورة فيحكم قلبه بأن هذا صوت ذلك الشخص وهذا إيمان ممزوج بدليل والخطأ أيضا ممكن أن يتطرق إليه إذ الصوت قد يشبه الصوت وقد يمكن التكلف بطريق المحاكاة إلا أن ذلك قد لا يخطر ببال السامع لأنه ليس يجعل للتهمة موضعا ولا يقدر في هذا التلبيس والمحاكاة غرضا .
الرتبة الثالثة أن تدخل الدار فتنظر إليه بعينك وتشاهده وهذه هي المعرفة الحقيقية والمشاهدة اليقينية وهي تشبه معرفة المقربين والصديقين لأنهم يؤمنون عن مشاهدة فينطوي في إيمانهم إيمان العوام والمتكلمين ويتميزون بمزية بينة يستحيل معها إمكان الخطأ .
نعم وهم أيضا يتفاوتون بمقادير العلوم وبدرجات الكشف .
أما درجات الكشف فمثاله أن يبصر زيدا في الدار عن قرب وفي صحن الدار في وقت إشراق الشمس فيكمل له إدراكه والآخر يدركه في بيت أو من بعد أو في وقت عشية فيتمثل له في صورته ما يستيقن معه أنه هو ولكن لا يتمثل في نفسه الدقائق والخفايا من صورته .
ومثل هذا متصور في تفاوت المشاهدة للأمور الإلهية .
وأما مقادير العلوم فهو بأن يرى في الدار زيدا وعمرا وبكرا غير ذلك وآخر لا يرى إلا زيدا فمعرفة ذلك تزيد بكثرة المعلومات لا محالة .
فهذا حال القلب بالإضافة إلى العلوم والله تعالى أعلم بالصواب .
بيان حال القلب بالإضافة إلى أقسام العلوم العقلية والدينية والدنيوية .
والأخروية .
أعلم أن القلب بغريزته مستعد لقبول حقائق المعلومات كما سبق ولكن العلوم التي تحل فيه تنقسم إلى عقلية وإلى شرعية .
والعقلية تنقسم إلى ضرورية ومكتسبة .
والمكتسبة إلى دنيوية وأخروية .
أما العقلية فنعني بها ما تقضي بها غريزة العقل ولا توجد بالتقليد والسماع وهي تنقسم إلى ضرورية لا يدري من أين حصلت وكيف حصلت كعلم الإنسان بأن الشخص الواحد لا يكون في مكانين والشيء الواحد لا يكون حادثا قديما موجودا معدوما معا فإن هذه علوم يجد الإنسان نفسه منذ الصبا مفطورا عليها ولا يدري متى حصل له هذا العلم ولا من أين حصل له أعني أنه لا يدري له سببا قريبا وإلا فليس يخفى عليه أن الله هو الذي خلقه وهداه .
وإلى علوم مكتسبة وهي المستفادة بالتعلم والاستدلال وكلا القسمين قد يسمى عقلا .
قال علي Bه .
رأيت العقل عقلين ... فمطبوع ومسموع .
ولا ينفع مسموع ... إذا لم يك مطبوع .
كما لا تنفع الشمس ... وضوء العين ممنوع .
والأول هو المراد بقوله A لعلي ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل // حديث ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول بإسناد ضعيف وقد تقدم في العلم // .
والثاني هو المراد بقوله A لعلى Bه إذا تقرب الناس إلى الله تعالى بأنواع البر فتقرب أنت بعقلك // حديث إذا تقرب الناس إلى الله بأنواع البر فتقرب أنت بعقلك أخرجه أبو نعيم من حديث علي بإسناد ضعيف //