محذورا حتى إن المرأة لتحكي عن زوجها ما تفخر به وتكذب لأجل مراغمة الضرات وذلك حرام وقالت أسماء سمعت امرأة سألت رسول الله A قالت إن لي ضرة وإني أتكثر من زوجي بما لم يفعل أضارها بذلك فهل علي شيء فيه فقال A المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور // حديث أسماء قالت امرأة إن لي ضرة وإني أتكثر من زوجي بما لم يفعل الحديث متفق عليه وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق // وقال A من تطعم بما لا يطعم أو قال لي وليس له أو أعطيت ولم يعط فهو كلابس ثوبي زور يوم القيامة // حديث من تطعم بما لا يطعم وقال لي وليس له وأعطيت ولم يعط كان كلابس ثوبي زور يوم القيامة لم أجده بهذا اللفظ // .
ويدخل في هذا فنرى العالم لما لا يتحققه وروايته الحديث الذي لا يتثبته إذ غرضه أن يظهر فضل نفسه فهو لذلك يستنكف من أن يقال لا أدري وهذا حرم ومما يلتحق بالنساء الصبيان فإن الصبي إذا كان لا يرغب في المكتب إلا وعد أو عيد أو تخويف كاذب كان ذلك مباحا نعم روينا في الأخبار أن ذلك يكتب كذبا ولكن الكذب المباح أيضا قد يكتب ويحاسب عليه ويطالب بتصحيح قصده فيه ثم يعفى عنه لأنه إنما أبيح بقصد الإصلاح ويتطرق إليه غرور كبير فإنه قد يكون الباعث له حظه وغرضه الذي هو مستغن عنه وإنما يتعلل ظاهرا بالإصلاح فلهذا يكتب وكل من أتى بكذبة فقد وقع في خطر الاجتهاد ليعلم أن المقصود الذي كذب لأجله هل هو أهم في الشرع من الصدق أم لا وذلك غامض جدا والحزم تركه إلا أن يصير واجبا بحيث لا يجوز تركه كما لو أدى إلى سفك دم أو ارتكاب معصية كيف كان .
وقد ظن ظانون أنه يجوز وضع الأحاديث في فضائل الأعمال وفي التشديد في المعاصي وزعموا أن القصد منه صحيح وهو خطأ محض إذ قال A من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار // حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار متفق عليه من طرق وقد تقدم في العلم // وهذا لا يرتكب إلا لضرورة ولا ضرورة إذ في الصدق مندوحة عن الكذب ففيما ورد من الآيات والأخبار كفاية عن غيرها وقول القائل إن ذلك قد تكرر على الأسماع وسقط وقعه وما هو جديد فوقعه أعظم فهذا هوس إذ ليس هذا من الأغراض التي تقاوم محذور الكذب على رسول الله A وعلى الله تعالى ويؤدي فتح بابه إلى أمور تشوش الشريعة فلا يقاوم خير هذا شره أصلي والكذب على رسول الله A من الكبائر التي لا يقاومها شيء نسأل الله العفو عنا وعن جميع المسلمين .
بيان الحذر من الكذب بالمعاريض .
قد نقل عن السلف أن في المعاريض مندوحة عن الكذب قال عمر Bه أما في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب وروي ذلك عن ابن عباس وغيره وإنما أرادوا بذلك إذا اضطر الإنسان إلى الكذب فأما إذا لم تكن حاجة وضرورة فلا يجوز التعريض ولا التصريح جميعا ولكن التعريض أهون ومثال التعريض ما روي أن مطرفا دخل على زياد فاستبطأه فتعلل بمرض وقال ما رفعت جنبي مذ فارقت الأمير إلا ما رفعني الله وقال إبراهيم إذا بلغ الرجل عنك شيء فكرهت أن تكذب فقل إن الله تعالى ليعلم ما قلت من ذلك من شيء فيكون قوله ما حرف نفي عند المستمع وعنده الإبهام وكان معاذ بن جبل عاملا لعمر Bه فلما رجع قالت له امرأته ما جئت به مما يأتي به العمال إلى أهلهم وما كان قد أتاها بشيء فقال كان عندي ضاغط قالت كنت أمينا عند رسول الله A وعند أبي بكر Bه فبعث عمر