فأتى موضعا فيه الماء إلى الركبة فزجها فيه وتركها تضطرب وولى عنها لا يلتفت ثم وافى مولاه فأخبره وحلف له أنه أغرقها ثم إنها تخلصت من الماء فأتت بعض الديارات التي على شاطيء الفرات فآوت إليه وأعلمت الرهبان أنها قد وهبت نفسها لله تعالى فأحسنوا إليها فلما استقر الملك لأبرويز بعد أبيه هرمز ووجه برسله إلى قيصر اجتاز الرسل بالدير فسألت شيرين عن ذلك فأعلمت أن القوم رسل أبرويز الملك ومعهم هدايا إلى قيصر وأخبروها بملكه وما آل إليه أمره فوجهت إلى رئيس الرسل منتصحة له تخبره أنها أمة للملك أبرويز وسألته إيفاد رسول إليه يخبره بمكانها ووجهت معه ذلك الخاتم فأنفذ الرجل رسولا قاصدا إلى الملك يعرفه خبر شيرين ومكانها والخاتم .
فلما ورد الرسول على أبرويز أمر للرسول بمال عظيم وجعل له رتبة جليلة ببشارته ووجه معه بخدم ومراكب وهوادج وكسي وحلى وطيب ووصائف حتى أتوه بشيرين فورد عليه من الفرح بها ما لم يفرح بشيء مثله وكانت من أكمل النساء كمالا وجمالا وبراعة .
وذكر أبرويز أنه ما جامعها قط إلا وجدها كالعذراء وكان قد شرط على نفسه أنه لا يأتي حرة ولا أمة مرة واحدة إلا أتاها قبل وعهد كل واحد لصاحبه أن لا يجتمع مع أحد لمباضعة فلما هلك أبرويز أرادها شيرويه فأبت وعرفته العهود فرماها بكل معضلة من الفجور وبعث الشعراء على ذمها فلما لج ولم تجد عنه محيدا بعد أن غصبها جميع مالها وضياعها قالت أفعل ما سألت بعد أن تقضي لي ثلاث حوائج ترد علي أموالي وضياعي وتسلم إلي قتلة زوجي وتدعو العلماء والأشراف وترقي المنبر فتبرئني مما قذفتني به من الفجور .
ففعل ذلك فقتلت قتلة زوجها بأفحش قتل فقال لها هل بقيت لك حاجة قالت نعم إن الملك أودعني وديعة وجعلها أمانة في عنقي إن أنا تزوجت أن أردها إليه فتأمر بفتح الناووس حتى أدفع الوديعة إليه ففتح لها الناووس فدخلت