ولكن تلمح أنت عواقب من صبر ومن لم يصبر وأعمل فكرك في الحالتين لعل هذه العبرة تخرق حجاب الهوى فتدخل على القلب بغير إذن فتكشف هذه الغمة فالعاقل من وزن ما يحتوي عليه العشق من لذة ونغصة فنغصه كثيرة وأذاه شديد وهو على الحقيقة يهين النفس التي لا قيمة لها وغالب لذاته محرم ثم هي مشوبة بالغموم والهموم وخوف الفراق وفضيحة الدنيا وحسرات الآخرة فيعلم الموازن بين الأمرين أن اللذة مغمورة في جنب الأذى قال الببغاء .
وأفضل الناس من لم يرتكب سببا ... حتى يميز ما تجنى عواقبه .
وقال المتنبي .
مما أضر بأهل العشق أنهم ... هووا وما عرفوا الدنيا ولا فطنوا .
تفنى عيونهم دمعا وأنفسهم ... في إثر كل قبيح وجهه حسن .
تحملوا حملتكم كل ناجية ... فكل بين علي اليوم مؤتمن .
ما في هوادجكم من مهجتي عوض ... إن مت شوقا ولا فيها لها ثمن .
سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ... ثم استمر مريري وارعوى الوسن .
فصل ومن أدوية الباطن أن يعلم أن الابتلاء لظهور جواهر الرجال .
فربما كان ابتلاؤك لينظر إلى صبرك فإن صبرت فربما نقلك إلى محبته