( 263 ) الفكرة سراج القلب فإذا ذهبت فلا إضاءة له .
يعني أن الفكرة بمنزلة السراج للقلب يستضيء بها لأن بها تنجلي حقائق الأمور فيظهر الحق من الباطل وتعرف آفات النفس بالتفكر في معائبها ومكائدها وتعلم مكائد العدو وغرور الدنيا ونحو ذلك . فإذا ذهبت الفكرة منه فلا إضاءة له فيكون كالبيت المظلم والعياذ بالله .
( 264 ) الفكرة فكرتان : فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان . فالأولى لأرباب الاعتبار والثانية لأرباب الشهود والاستبصار .
يعني أن الفكرة التي هي السير في ميادين الأغيار فكرتان : إحداهما أرفع من الأخرى لأنها تختلق باختلاف السالكين والمجذوبين ففكرة السالكين : فكرة تصديق وإيمان - أي فكرة ناشئة عن أصل التصديق الذي هو الإيمان - والقصد بها الزيادة فيه بالاستدلال بالأثر على المؤثر . وأما فكرة المجذوبين : ففكرة شهود وعيان - أي فكرة ناشئة عن المشاهدة والمعاينة بعين البصيرة - فيستدلون بالمؤثر على الأثر . فالأولى لأرباب الاعتبار - أي المستدلين بالآثار - وهم السالكون . والثانية لأرباب الشهود والاستبصار - أي المستدلين بالمؤثر على الأثر - وهم المجذوبون .
واعلم أن المجذوب سلك الطريق مسرعاً إلى الله واطلع على المقامات التي كابد مشقتها من سواه خلافاً لمن قال : إن السالك أتم من المجذوب لأن السالك عرف الطريق والمجذوب ليس كذلك .
لأن المجذوب طويت له الطريق ولم تطو عنه فهو كمن طوبت له الطريق إلى مكة . والسالك كمن سار إليها على أكوار المطايا . كذا حققه بعض العارفين والله تعالى يجعلنا من الواصلين . وهذا آخر الحكم وما بعده مكاتبات لبعض إخوانه ومناجاة لمن والاه بمزيد النعم .
انتهى ولله الحمد مساء الأحد 24 / 9 / 1403 ه 5 / 6 / 1983 م