تعالى ومحبته ولم تظهر على ظاهره ثمرات ذلك من اللهج بذكره والمسارعة إلى اتباع أمره والفرار من القواطع الشاغلة عنه والاضطراب عن الوسائط المبعدة منه فهو كذاب في دعواه متخذ إله هواه .
( 29 ) شتان بين من يستدل به أو يستدل عليه المستدل به عرف الحق لأهله وأثبت الأمر من وجود أصله والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه . وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه ؟ ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه ؟ .
شتان اسم فعل ماض بمعنى بعد . أي بعد ما بين من يستدل به تعالى على المحلوقات وهم المراودون أهل الشهود . أو بمعنى الواو أي وبين من يستدل عليه تعالى بالمخلوقات وهم المريدون أهل السلوك . فأحوال هذين الفريقين متفاوتة في الرتبة . فالمستدل به تعالى على غيره عرف الحق وهو الوجود الذاتي لأهله وهو الله تعالى وأثبت الأمر أي وجود الحوادث من وجود أصله وهو الله تعالى أي جعل وجودهم مستفاداً من وجوده إذ لولا إيجاده لهم لما وجدوا وهؤلاء هم أهل الجذب الذين جذبتهم يد العناية إما ابتداء أو بعد السلوك وهم العارفون بربهم فلا يشهدون غيره ولذلك يستدلون به على الأشياء في حال تدليهم . وأما الاستدلال عليه تعالى فلا يكون إلا من عدم الوصول إليه لأن السالك يكون محجوباً بالآثار فيستدل بها على من كور الليل والنهار فيكون من الاستدلال بالمجهول على المعلوم وبالمعدوم على الموجود وبالأمر الخفي على الظاهر الجلي . وذلك لوجود الحجاب ووقوفه مع الأسباب . وإلا فمتى غاب الحق حتى يستدل بمخلوقاته عليه ومتى بعد حتى تكون الآثار الناشئة عن قدرته هي التي توصل إليه . وما ألطف قول بعض أهل الشهود في هذا المقام المحمود :