بكاء أهل النار .
208 - ـ [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : .
يرسل على أهل النار البكاء فيبكون حتى ينقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يرى وجوههم كهيئة الأخدود لو أرسلت فيه السفن لجرت ] .
209 - ـ حدثنا سعيد بن يحيى القرشي أنه سمع أباه يحدث عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم مثله .
210 - ـ [ حدثنا هارون بن عبد الله قال : حدثنا أبو يحيى الحماني عن عمران أبي يحيى الثعلبي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : .
أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون حتى يصير في وجوههم كالجداول فتنفد الدموع فتقرح العيون حتى لو أن السفن أرخيت فيها لجرت ] .
211 - ـ حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا حماد .
الجزري عن زيد بن رفيع رفعه قال : .
إن أهل النار إذاؤ دخلوا النار بكوا الدموع زمانا ثم بكوا القيح زمانا قال : فيقول لهم الخرنة : يا معشر الأشقياء تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا هل تجدون اليوم من تستغيثون به ؟ قال : فيرفعون أصواتهم : يا أهل الجنة يا معاشر الآباء و الأمهات و الأولاد خرجنا من الدنيا عطاشا و خرجنا من القبور عطاشا و كنا طول الموقف عطاشا و نحن اليوم عطاش فأقيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله فيدعون أربعين سنة لا يجيبهم ثم يجيبهم : { إنكم ماكثون } فييأسون من كل خير .
212 - ـ حدثني محمد بن أبي عمران الوركاني قال : حدثنا المعافى بن عمران عن داود بن أبي سليمان عن حماد بن خوار قال : .
بلغنا أن أهل النار يبكون الدموع حتى تفنى ثم يبكون الدماء حتى تكون في خدودهم أمثال الجداول فيقول لهم الخرنة : يا معشر الأشقياء لو كان هذا في الدار المقبول فيها العمل كان نعم الذخر لكم .
213 - ـ حدثنا علي بن الجعد قال : أخبرنا أبو هلال الراسبي عن قتادة : .
{ فليضحكوا قليلا } قال : في دار الدنيا .
{ و ليبكوا كثيرا } قال : في نار جهنم .
214 - ـ حدثنا داود بن عمر الضبي قال : حدثنا مروان بن معاوية عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين : .
في قوله : { فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون } قال : الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا فإذا انقطعت الدنيا و صاروا إلى الله استأنفوا بكاء لا ينقطع عنهم أبدا .
215 - ـ [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا سفيان عن أبي سنان عن بعض المشيخة : .
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لجبريل عليه السلام : ما لي لا أرى ميكائيل يضحك ؟ .
فقال : ما ضحك منذ خلقت النار ! ] .
216 - ـ [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا معاذ بن هشام قال : حدثني أبي عن أبي عمران الجوني : .
أن جبريل عليه السلام أتى إلى النبي صلى الله عليه و سلم و هو يبكي فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ما يبكيك يا جبريل ؟ .
قال : أما تبكي يا محمد ؟ ما جفت لي عين منذ خلق الله جهنم مخافة أن أعصي الله فيجعلني في جهنم ! ] .
217 - ـ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا بكر بن محمد العابد قال : .
قلت لجليس لابن أبي ليلى يكنى أبا الحسن : أتضحك الملائكة ؟ .
قال : ما ضحك من دون العرش منذ خلقت جهنم .
218 - ـ حدثنا هاشم بن الحارث قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن محمد بن المنكدر قال : .
لما خلقت النار فزعت لذلك الملائكة فزعا شديدا طارت له أفئدتهم فلم يزالوا كذلك حتى خلق آدم فرجعت إليهم أفئدتهم و سكن عنهم الذي كانوا يجدون .
219 - ـ [ حدثني محمد بن إدريس قال : حدثنا أبو عتبة علي بن الحسن بن مسلم السكوني قال : حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غرية الأنصاري أنه سمع حميد بن عبيد مولى بني المعلى يقول : سمعت ثابتا البناني يحدث عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : .
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لجبريل : ما لي لا أرى مكائيل ضاحكا ؟ .
فقال جبريل : ما ضحك منذ خلق الله النار ! ] .
220 - ـ [ حدثني أبي و أبو خيثمة قالا : حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي سلمة الدوسي ثابت بن سرح عن سابم بن عبد الله قال : .
كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم ارزقني عينين هطالتين تبكيان بذروف الدموع و تشفيانني من خشيتك قبل أن يكون الدمع و الأضراس جمرا ] .
221 - ـ حدثنا أبو خيثمة قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثني عبد الرحمن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله قال : .
كان داود عليه السلام يعاتب في كثرة البكاء فيقول : ذروني أبك قبل يوم البكاء قبل تحريق العظام و استعال اللحى قبل أن يؤمر بي { ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون } .
222 - ـ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا أبو أسامة عن أبي هلال عن ثابت البناني عن صفوان بن محرز قال : .
كان لداود يوم يتأوه فيه يقول : أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله أوه قبل أن لا أوه .
قال : فذكرها صفوان ذات يوم في مجلسه فغلبه البكاء فقام .
223 - ـ حدثنا خالد بن خداش قال : حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني عن عمر بن عبد الرحمن عن وهب بن منبه قال : .
كان داود عليه السلام يقول : .
إلهي لا صبر لي على حر شمسك فكيف صبري لى حر نارك ؟ .
إلهي لا صبر لي على صوت رحمتك ـ يعني الرعد ـ فكيف صبري على صوت عذابك ؟ .
224 - ـ حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : أخبرنا نوح بن قيس عن عون بن أبي شداد قال : .
كان داود نبي الله عليه السلام يقول : أوه من جاعلة الأضراس نارا و الدموع بعد الدموع دما أوه .
225 - ـ حدثنا عبد الله بن عمر الجشمي قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن كعب : .
{ إن إبراهيم لأواه حليم } قال : كان إبراهيم إذا ذكر النار قال : أوه من النار و مد بها جعفر صوته .
226 - ـ [ حدثني عبد الرحمن بن صالح قال : حدثنا شيخ من أهل المدينة عن بكير بن مسمار مولى سعد بن أبي وقاص قال : .
سمع رجل و هو يقول : يا غوثاه من النار يا غوثاه من النار ! .
فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : يا رسول الله أنت القائل البارحة واغوثاه من النار ؟ لقد بكيت البارحة أعين ملأ من الملائكة كثير ] .
227 - ـ قال أبو بكر : .
و كان بعض الواعظين من الحكماء إذا ذكر هذا قال : فابك على ما تقدم من ذنبك و قل : واغوثاه بالله بالاستغاثة ها هنا تنفعك و تجدي عليك و لا سيما إذا أتبعتها بتوبة و إقلاع عن معاصيك .
و الاستغاثة في النار لا تنفعك و لا تسوق خيرا إليك أيها المستغيث بالله من سوء ما عملت يده .
أعلمت أن شارب الخمر سقي من حميمها حتى تغلت كبده ؟ .
و الأشر الغضب ألبس قميص النام بجلده ؟ .
و المغتاب سال بالصديد و الدم العبيط فيها .
و شاهد الزور كآل في بعد إدراكها بكمه .
و الماشي فيها إلى المعاصي لم يمش فيها على قدمه .
و المتسمع إلى ما حرم الله صب خالص الرصاص في أذنه .
و مخاذن أهل المعاصي قرن بشيطان لا يفارقه يجمع بسلسلة فيها عنقه و يتجمع طوق غله بطوقه و يؤخذ بالعذاب من تحته و من فوقه .
و أما المطفف في كيله فهو يدعو طول دهره فيها بويله .
و أما قاتل نفسه التي حرمت عليه فلا تسأل عن عظيم ما صار فيها إليه .
و أما آكل مال اليتيم فآكل نارا و صلي بالعذاب الأليم .
و أما عاق والديه ففي منزلة من النار لا ينظر الله فيها إليه .
و أما مانع زكاة ماله فلا تسأل عما صار إليه فيها من سوء حاله و لقد نادى فيها الذين منعوا زكاة أموالهم ثبورهم حيث كويت بها جباههم و جنوبهم و ظهروهم .
أما في قليل ما يعطيك و يمنعك من الاقتحام إلى معصية ربك ؟ ! .
228 - ـ حدثنا بن قال : قال ابن السماك : .
لو كان عذاب الآخرة مثل عذاب الدنيا كان المعذب في بالمقمعة رأس المعذب فلا يسكن أبدا و يضربه الثانية فلا يسكن وجع الأولى و لا الثانية و يضربه الثالثة فلا وجع الأوليين يسكن و لا الثالثة فأول العذاب لا ينقطع و آخره لا ينفد .
229 - ـ حدثنا داود بن عمرو الضبي قال : [ حدثنا إسماعيل بن عياش قال : حدثني ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن أيوب بن بشير العجلي عن شفي بن ماتع الأصبحي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : .
أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون بين الحميم و الجحيم يدعون بالويل و الثبور يقول أهل النار بعضهم لبعض : ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى ؟ .
قال : فرجل مغلق عليه تابوت من جمر و رجل يجر أمعاؤه و رجل يسيل فوه قيحا و دما و رجل يأكل لحمه .
قال : يقال لصاحب التابوت : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ .
قال : فيقول : إن الأبعد مات و في عنقه أموال الناس لم يجد لها قضاء .
قال : ويقال للذي يجر أمعاءه : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ .
قال : فيقول : إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه ثم لا يغسله .
ثم يقال للذي يسيل فوه قيحا و دما : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ .
قال : فيقول : إن الأبعد كان ينظر إلى كل كلمة قذعة خبيثة يستلذها كما يستلذ الرفث .
ثم يقال للذي يأكل لحمه : ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى ؟ .
فيقول : إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيب و يمشي بالنميمة ] .
230 - ـ حدثنا داود بن عمرو قال : [ حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن أبي وائل قال : .
قيل لأسامة بن زيد : ألا تركب إلى هذا الرجل فتأمره و تنهاه ؟ ـ يعنون عثمان بن عفان Bه ـ : فقال : لا أفتح بابا أكون أول من فتحه .
ثم قال : أما إني لا أزعم أن أمراءكم خياركم بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : .
يجاء بالذي يطاع في معصية الله فيخاصمه رعيته فتفلج عليه فيدفع في النار فتندلق به أقتابه فيستدير في النار كما يستدير الحمار في الرحا فيأتي الذين كانوا يطيعونه في معصية الله فيقولون : أي فل ما بلغ بك ما ترى ؟ فيقول : إني كنت آمركم بما لا أفعل و أنهاكم عما أخالف إليه ] .
231 - ـ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا ابن عيينة عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن عمرو بن ميمون عن عبد الله : .
{ وقودها الناس و الحجارة } قال : حجارة من كبريت خلقها الله عنده كيف شاء .
232 - ـ حدثنا إسحاق قال : حدثنا وكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن ابن سابط عن عمرو بن ميمون عن عبد الله : نحوه .
233 - ـ حدثنا أحمد بن عاصم بن عنبسة العباداني قال : حدثني الفضل بن العباس الكندي ـ و كان من الأبدال و كانت الدموع قد أثرت في وجهه و و كان يصوم الدهر و يفطر كل ليلة على رغيف ـ قال : .
مر عيسى ابن مريم عليه السلام بجبل بين نهرين : نهر عن يمينه و نهر عن يساره لا يدري من أين يجيء و أين يذهب ؟ .
فقال عيسى : أيها الجبل يجيئ و أين يذهب ؟ .
قال : أما الذي يجيء عن يميني فمن دموع عيني اليمنى و أما الذي يجيئ عن يساري فمن دموع عيني اليسرى .
قال : بم ذاك ؟ .
قال : خوافا من ربي أن يجعلني من وقود النار ! .
فقال عيسى : فأنا أدعو الله أن يهبك لي .
فدعا الله فوهب له .
فقال عيسى : قد وهبت لي .
قال : فجاء منه من الماء حتى احتمل عيسى فذهب به فقال عيسى : اسكن بعزة الله فسكن فقال : قد استوهبتك من ربي فوهبك لي فما هذا ؟ .
قال : أما البكاء الأول فبكاء الخوف و أما البكاء الثاني فبكاء الشكر ! .
234 - ـ [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا موسى بن الغيرة ـ من أهل البصرة ـ عن أبي موسى الصفار قال : .
سألت ابن عباس ـ أو سئل ـ : أي الصدقة أفضل ؟ .
فقال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم كما سألتني فقال : .
سقي الماء ألم تر إلى أهل النار إذا استغاثوا قالوا : { أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } ؟ ] .
235 - ـ حدثنا إسحاق قال : حدثنا الفضيل بن دكين عن سفيان عن عثمان بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : .
{ و نادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله } قال : ينادي الرجل أخاه : يا أخي قد احترقت فأغثني قال : فيقول : { إن الله حرمهما على الكافرين } .
236 - ـ حدثنا يوسف بن موسى حدثنا : حدثنا وكيع عن سفيان عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : مثله .
237 - ـ حدثنا فضيل بن عبد الوهاب قال : حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك : .
{ و نسوق المجرمين إلى جهنم وردا } قال : عطاشا .
238 - ـ حدثني حمزة بن العباس أخبرنا عبد الله بن عثمان أخبرنا ابن المبارك أخبرنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : .
{ و نسوق المجرمين إلى جهنم وردا } قال : منقطعة أعناقهم من العطش .
239 - ـ حدثني حمزة بن العباس قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا عنبسة بن سعيد عن يزيد بن عبد الله بن الحارث عن كعب قال : .
إن الله ينظر إلى عبده يوم القيامة و هو غضبان فيقول : { خذوه } فيأخذه مائة ألف ملك أو يزيدون فيجمعون بين ناصيته و قدمه غضبا لغضب الله فيسحبونه على وجهه إلى النار فالنار عليه أشد غضبا من غضبهم بسبعين ضعفا فيستغيث بشربة فيسقى شربة يسقط منها لحمه و عصبه و يكدس في النار فويل له من النار .
قال عبد الله : فحدثت عن بعض أهل المدينة أنه قال : يتفتت في أيديهم إذا قال : { خذوه } فيقول : ألا ترحموني ؟ فيقولون : كيف نرحمك و لم يرحمك أرحم الراحمين ؟ ! .
240 - ـ حدثنا فضيل بن عبد الوهاب قال : حدثنا النضر بن إسماعيل قال : .
إذا قال : { خذوه } يتبدره أكثر من ربيعة و مضر .
241 - ـ حدثنا فضيل قال : حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه في قوله : { خذوه } قال : لا يضع يده على شيء إلا دقه فيقول : أما ترحمني ؟ فيقول : كيف أرحمك و أرحم الراحمين لم يرحمك ؟ .
242 - ـ حدثنا فضيل بن عبد الوهاب قال : حدثنا محمد بن يزيد عن جويبر عن الضحاك : .
{ نزاعة للشوى } قال : تنزع الجلد و اللحم عن العظم .
243 - ـ حدثني علي بن الحسن عن الصلت بن حكيم قال : حدثنا درست القزاز قال : حدثنا يزيد الرقاشي قال : .
إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أيتها النار المطيعة سمي أهلك .
قال : فيخرج عنق من النار فتنكت في وجوه أهل النار نكتا سودا ثم ينادي مناد : { وامتازوا اليوم أيها المجرمون } .
: فينكر بعضهم إلى بعض فيقول : هذا ما كنتم تكسبون .
ثم ينادي مناد : { ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين } .
قال : فينكسون في النار على رؤوسهم و يصهر الحميم في أجوافهم .
قال : ثم سقط يزيد مغشيا عليه ! .
244 - ـ حدثنا فضيل قال : سمعت شريكا : .
في قوله : { يصهر } قال : ينضج .
245 - ـ حدثنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا عنبسة بن سعيد عن فضيل بن عياض عن هشام عن الحسن قال : .
كلما أكلتهم النار قيل : عودوا حتى تأكلهم في كل يوم سبعين ألف مرة .
246 - ـ حدثنا فضيل بن عبد الوهاب قال : حدثنا أبو محياة التيمي عن منصور عن مجاهد : .
في قوله : { شواظ } قال : قطعة من النار .
{ و نحاس } قال : صفر يذاب ثم يصب على رؤوسهم .
247 - ـ حدثني علي بن الحسين عن موسى بن بلال عن بكر بن خنيس عن أبي عبد الله الشامي عن مكحول قال : .
للناس في القيامة جولة فيلقى الرجل أخاه فيقول : علام أنت يا فلان ؟ .
فيقول : على خير على الرجاء من الله .
و يلقى الرجل أخاه فيقول : علام أنت يا فلان ؟ .
فيقول : على شر أسلمني أهلي و أوبقتني ذنوبي .
248 - ـ حدثنا خالد بن خداش قال : حدثنا مهدي بن ميمون عن سعيد الجريري عن أبي السليل عن غنيم خازن بيت المقدس عن كعب قال : .
يمسك بالنار يوم القيامة حتى تصير كأنها متن إهالة حتى تستعر أقدام الخلائق عليها ثم ينادي مناد : أن خذي أصحابك و دعي أصحابك فهي أعرف بهم من الوالدة بولدها فيخسف بهم فيهوون فيها و ينجو المؤمنون ندية ثيابهم ! .
249 - ـ حدثنا علي بن الحسن عن محمد بن الحسين عن شعيث بن محرز عن صالح المري قال : سمعت أبا عمران الجوني قال : .
قال لي أبو الجلد : كيف أنت يوم تمطر السماء نارا و تلتهب الأرض من تحت أقدام الخلائق بالنار ؟ .
قال : قلت : إن ذلك ليوم عظيم ! .
قال : ذاك يوكط كشف فيه لهم عن الغطاء و عرضت عليهم ذلك اليوم أعمالهم : فمسرور بعمله و نادم محسور .
قال : ثم بكى أبو الجلد حتى غلبه البكاء .
250 - ـ حدثني علي بن الحسن قال : حدثني محمد بن الحسين قال : حدثني رستم بن أسامة قال : حدثني عباءة بن كليب عن عبد الواحد بن زيد عن الحسن : .
في قوله : { و أنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين } قال : أزفت و الله عقولهم و طارت قلوبهم فترددت في أجوافهم بالغصص إلى حناجرهم لما أمر بهم ملك يسوقهم إلى النار فيقول بعضهم لبعض : { فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا } .
فينادون : { ما للظالمين من حميم و لا شفيع يطاع } .
251 - ـ حدثنا حمزة بن العباس قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا الحكم عن عمر بن أبي ليلى ـ أحد بني عامر ـ قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : .
بلغني أو ذكر لي أن أهل النار استغاثوا بالخزنة قال الله عز و جل : { و قال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب } سألوا يوما واحدا يخفف عنهم فيه العذاب فرد عليهم الخزنة : { أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى } فرددت عليهم الخزنة : { فادعوا و ما دعاء الكافرين إلا في ضلال } .
و لما يئسوا مما عند الخزانة { و نادوا يا مالك } و هو عليهم و له مجلس في وسطها و جسور تمر عليه ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها فقالوا : { يا مالك ليقض علينا ربك } سألوا الموت .
قال : فمكث عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة و السنة ستون و ثلاثمائة يوم و الشهر ثلاثون يوما و اليوم { كألف سنة مما تعدون } لحظ إليهم بعد الثمانين : { إنكم ماكثون } .
فلما سمعوا ما سمعوا يئسوا مما قبله قال بعضهم لبعض : يا هؤلاء قد نزل بكم من البلاء و العذاب ما قد ترون فهلموا فلنصبر فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا فأجمعوا رأيهم على الصبر .
قال : فتصبروا فطال صبرهم ثم جزعوا فنادوا { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } أي ملجأ .
فقام إبليس عند ذلك فخطبهم : { إن الله وعدكم وعد الحق و وعدتكم فأخلفتكم و ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم و ما أنتم بمصرخي } يقول : بمغن عنكم شيئا { و ما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل } .
فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم فنودوا : { لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } .
{ قالوا ربنا أمتنا اثنتين و أحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل } .
فرد عليهم : { ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير } .
قال : هذه واحدة .
قال : فنادوا الثانية : { ربنا أبصرنا و سمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون } .
فرد عليهم : { و لو شئنا لآتينا كل نفس هداها } يقول : لو شئت لهديت الناس جميعا فلم يختلف منهم أحد .
{ ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين * فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا } يقول : بما تركتم أن تعملوا ليومكم هذا .
{ إنا نسيناكم } : إنا تركناكم .
{ و ذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون } .
فهذه اثنتان .
قال : فنادوا الثالثة : { ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك و نتبع الرسل } .
فرد عليهم : { أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال * وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } .
قال هذه الثالثة .
قال : ثم نادوا الرابعة : { ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل } .
قال : { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر و جاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير } .
فمكث عنهم ما شاء الله ثم ناداهم : { ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون } .
فلما سمعوا ذلك قالوا : الآن يرحما ربنا و قالوا عند ذلك : { ربنا غلبت علينا شقوتنا } أي الكتاب الذي كتبت علينا .
{ وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } .
فقال عند ذلك : { اخسؤوا فيها ولا تكلمون } .
فانقطع عند ذلك الدعاء و الرجاء منهم و أقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض و أطبقت عليهم .
فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله : { هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون } .
252 - ـ حدثني علي بن الحسن عن الصلت بن حكيم قال : حدثت عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : .
بلغني أن الله إذا قال لأهل النار : { اخسؤوا فيها ولا تكلمون } عادت وجوههم قطع لحم ليس فيها أفواه و لا مناخير يتردد النفس في أجوافهم لا تجد إلى الخروج مساغا .
253 - ـ حدثني إبراهيم بن عبد الله قال : أخبرنا جعفر بن سليمان قال : سمعت أبا عمران الجوني قال : .
ما نظر الله إلى شيء إلا رحمه و لو نظر إلى أهل النار لرحمهم لكنه قضى عليهم أن لا ينظر إليهم .
254 - ـ حدثني حمزة بن العباس قال : حدثنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا الكلبي عن أبي صالح : .
في قول الله جل و عز : { الله يستهزئ بهم } قال : يقال لأهل النار و هم في النار : اخرجوا و يفتح لهم أبواب النار فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج و المؤمنون ينظرون إليهم على فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم فذلك قول الله عز و جل : { الله يستهزئ بهم } منهم المؤمنون حين غلقت دونهم فذلك قوله : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون } .
255 - ـ حدثني حمزة قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا محمد بن يسار عن قتادة : .
في قوله : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } قال : ذكر لنا أن كعبا كان يقول : إن بين الجنة و النار كوى فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض تلك الكوى قال الله عز و جل في آية أخرى : { فاطلع فرآه في سواء الجحيم } قال : ذكر لنا أنه إذ ذاك طلع فرأىجماجم القوم تغلي .
256 - ـ حدثنا عبد الرحيم بن مطرف بن قدامة بن عبد الرحمن الرؤاسي قال : حدثنا أبي عن مولى لنا قال : .
لما مات منصور بن المعتمر صاحب أمه : و اقتيل جهنماه ما قتل ابني إلا خوف جهنم ! .
257 - ـ [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : .
يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح ثم يقال : يا أهل الجنة فيشرئبون و ينظرون فيقال : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت .
و يقال : يا أهل النار فيشرئبون و ينظرون فيقال : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت .
ثم يؤمر به فيذبح ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود و لا موت .
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : { وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون } و أشار بيده إلى الدنيا ] .
258 - ـ [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال : حدثنا أحمد بن يونس قال : حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : .
كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني فيكون له شكرا و كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيكون عليه حسرة ] .
259 - ـ حدثنا إسحاق قال : حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح : مثله و لم يقل عن أبي هريرة .
260 - ـ حدثني محمد بن إدريس قال : حدثنا مالك بن إسماعيل قال : حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل عن موسى بن أبي عائشة : .
{ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب } قال : تشد أيديهم و أرجلهم فكلما جاءهم نوع من العذاب اتقوه بوجوههم ! .
261 - ـ حدثني محمد بن إدريس قال : حدثنا محمد بن المصفى قال : حدثنا معاوية بن حفص الشعبي عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح .
{ مقرنين } قال : مكتفين .
262 - ـ حدثنا أحمد بن المقدام قال : حدثنا فضيل بن عياض عن هشام عن الحسن : .
{ كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } قال : تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم : عودوا فيعودون كما كانوا