@ 86 @ $ بسم الله الرحمن الرحيم $ ( ^ الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا ) * * * * .
قوله - تعالى - : ( ^ الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ) حكي عن كعب الأحبار أنه قال : هذه الآية أول آية في التوراة ، وآخر آية في التوراة : قوله - تعالى - : ( ^ وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) الآية . .
فقوله : ( ^ الحمد لله ) معناه : احمدوا الله ، ذكر الخبر بمعنى الأمر ، وفائدته : الأمر بالحمد وتعليم الحمد ؛ فإنه لو قال : احمدوا الله ؛ دعت الحاجة إلى بيان كيفية الحمد ، وقوله : ( ^ الذي خلق السموات والأرض ) إنما خصهما بالذكر ؛ لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد ؛ ولأن فيهما العبر والمنافع للعباد . .
( ^ وجعل الظلمات والنور ) والجعل : بمعنى الخلق ، ثم اختلفوا ، قال بعضهم : الظلمات : الليل ، والنور : النهار ، وقال بعضهم : أراد بالظلمات : الكفر ، وبالنور : الإيمان ، ويدخل في الظلمات جميع الظلمات ، حتى ظلمة القلب ، وظلمة الشك ، ونحو ذلك . .
ويدخل في النور جميع الأنوار ، حتى نور القلب ، ونور اليقين ، ونحو ذلك ، وقيل : أراد بالظلمات : الجهل ، وبالنور : العلم ، وقيل : أراد بالظلمات : المعصية ، وبالنور : الطاعة . .
وروى عن قتادة أنه قال : إن الله - تعالى - خلق السماء قبل الأرض ، والليل قبل النهار ، والجنة قبل النار ، وقد قال غيره : خلق الأرض قبل السماء ، وسيأتي . .
( ^ ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) قال الكسائي : عدل الشيء بالشيء : إذا ساواه به ، ومنه العدل . ومعناه : يعدلون بالله غير الله ، وقال مجاهد : معناه : ثم الذين كفروا بربهم يشركون ، والمعنيان متقاربان ؛ لأن من ساوى غير الله بالله ؛ فقد أشرك . وقيل : قوله : ( ^ ثم الذين كفروا ) معنى لطيف ، وهو مثل قول القائل : أنعمت عليك كذا ، وتفضلت عليك بكذا ثم لا تشكرني ، ثم تكفر بنعمتي .