وأن المسيح بالنسبة إليه كمن ليس له شيء وهذا إنما يكون تبشيرا بمن هو أعظم من المبشر به أعني المسيح عليه السلام ولا يصح حمله على رجل عظيم القدر في الدنيا أو في الملك أو غير ذلك لأن الأنبياء لا يبشرون بمن هو كذلك ويجعلونه أركون العالم ويجعلون الأمر إليه وينفون الأمر عن أنفسهم فإن هذا لا يكون أبدا من الأنبياء ولا يصح نسبته إليهم ولا صدوره منهم قط بلا خلاف بين أهل الملل ولا يمكن أن يدعي مدع أنه جاء بعد المسيح من هو بهذه الصفة غير نبينا .
فإن الحواريين إنما دانوا بدينه ودعوا الناس إلى شريعته ولم يستقل أحد منهم بشيء من جهة نفسه قط ومن جاء بعدهم من أتباع المسيح فهو دونهم بمراحل .
4إ - شارة القرآن والسنة إلى بشارات الكتب السابقة .
وقد حكى الله سبحانه في القرآن الكريم ما تتضمنه الكتب المنزلة والرسل المرسلة من التبشير بنبينا محمد ما يغني عن جميع ما ذكرناه من نصوص تلك الكتب وإنما أردنا بالنقل منها إلزام الحجة وتكميل الفائدة لمن كان في قلبه ريب وفي صدره حرج .
فمن ذلك قوله سبحانه الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقال D الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وقال تعالى وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يفعلون وقال سبحانه وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين