سبعون وهذا قول الجمهور ولهذا قال كعب بن مالك في قصيدة له ... فاقام بالعطن المعطن منهم ... سبعون عتبة منهم والأسود ... .
وقد حكى الواقدي الاجماع على ذلك وفيما قاله نظر فان موسى بن عقبة وعروة بن الزبير قالا خلاف ذلك وهما من أئمة هذا الشان فلا يمكن حكاية الاتفاق بدون قولهما وإن كان قولهما مرجوحا بالنسبة إلى الحديث الصحيح والله أعلم وقد سرد أسماء القتلى والاسارى ابن اسحاق وغيره وحرر ذلك الحافظ الضياء في أحكامه جيدا وقد تقدم في غضون سياقات القصة ذكر أول من قتل منهم وهو الاسود بن عبد الاسد المخزومي وأول من فر وهو خالد بن الاعلم الخزاعي أو العقيلي حليف بني مخزوم وما أفاده ذلك فانه أسر وهو القائل في شعره ... ولسنا على الاعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم ... .
فما صدق في ذلك وأول من أسروا عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث قتلا صبرا بين يدي رسول الله A من بين الاسارى وقد اختلف في أيهما قتل أولا على قولين وأنه عليه السلام أطلق جماعة من الاسارى مجانا بلا فداء منهم أبو العاص بن الربيع الاموي والمطلب بن حنطب ابن الحارث المخزومي وصيفي بن أبي رفاعة كما تقدم وأبو عزة الشاعر ووهب بن عمير بن وهب الجمحي كما تقدم وفادى بقيتهم حتى عمه العباس أخذ منه أكثر مما أخذ من سائر الاسرى لئلا يحابيه لكونه عمه مع أنه قد سأله الذين أسروه من الانصار أن يتركوا له فداءه فأبى عليهم ذلك وقال لا تتركوا منه درهما وقد كان فداؤهم متفاوتا فأقل ما أخذ أربعمائة ومنهم من أخذ منه أربعون أوقية من ذهب قال موسى بن عقبة وأخذ من العباس مائة أوقية من ذهب ومنهم من استؤجر على عمل بمقدار فدائه كما قال الامام احمد حدثنا علي بن عاصم قال قال داود ثنا عكرمة عن ابن عباس قال كان ناس من الاسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل رسول الله A فداءهم أن يعلموا أولاد الانصار الكتابة قال فجاء غلام يوما يبكي إلى أمه فقالت ما شأنك فقال ضربني معلمي فقالت الخبيث يطلب بدخل بدر والله لا تأتيه أبدا انفرد به احمد وهو على شرط السنن وتقدم بسط ذلك كله ولله الحمد والمنة .
فصل في فضل من شهد بدرا من المسلمين .
قال البخاري في هذا الباب حدثنا عبد الله بن محمد ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو اسحاق عن حميد سمعت أنسا يقول أصيب حارثة يوم بدر فجاءت أمه إلى رسول الله A فقالت يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فان يك في الجنة أصبر وأحتسب وأن تكن الاخرى فترى ما أصنع فقال ويحك أوهبلت أو جنة واحدة هي إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس تفرد به