فلما دخل المسجد قام إليه عمر بن الخطاب فانتزع الأسهم من عمامة خالد فحطمها وقال أرياء قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته والله لارجمنك بالجنادل وخالد لا يكلمه ولا يظن إلا أن رأي الصديق فيه كرأي عمر حتى دخل على أبي بكر فاعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه ما كان منه في ذلك وودى مالك بن نويرة فخرج من عنده وعمر جالس في المسجد فقال خالد هلم إلي يا ابن أم شملة فلم يرد عليه وعرف أن الصديق قد رضي عنه واستمر أبو بكر بخالد على الأمرة وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ في قتله كما أن رسول الله A لما بعثه إلى أبي جذيمة فقتل أولئك الأسارى الذين قالوا صبأنا صبأنا ولم يحسنوا أن يقولوا اسلمنا فوداهم رسول الله A حتى رد إليهم ميلغة الكلب ورفع يديه وقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ومع هذا لم يعزل خالدا عن الأمرة .
مقتل مسيلمة الكذاب لعنه الله .
لما رضي الصديق عن خالد بن الوليد وعذره بما اعتذر به بعثه إلى قتال بني حنيفة باليمامة وأوعب معه المسلمون وعلى الأنصار ثابت بن قيس بن شماس فسار لا يمر بأحد من المرتدين إلا نكل بهم وقد اجتاز بخيول لأصحاب سجاح فشردهم وأمر باخراجهم من جزيرة العرب وأردق الصديق خالدا بسرية لتكون ردءا له من وراءه وقد كان بعث قبله إلى مسيلمة عكرمة بن أبي جهل وشرحبيل بن حسنة فلم يقاوما بني حنيفة لأنهم في نحو أربعين ألفا من المقاتلة فعجل عكرمة بن أبي جهل مجيء صاحبه شرحبيل فناجزهم فنكب فانتظر خالدا فلما سمع مسيلمة بقدوم خالد عسكر بمكان يقال له عقربا في طرف اليمامة والريف وراء ظهورهم وندب الناس وحثهم فحشد له أهل اليمامة وجعل على مجنبتي جيشة المحكم بن الطفيل والرجال من عنفوة بن نهشل وكان الرجال هذا صديقه الذي شهد له أنه سمع رسول الله A يقول إنه قد اشرك معه مسيلمة بن حبيب في الأمر وكان هذا الملعون من أكبر ما أضل أهل اليمامة حتى اتبعوا مسيلمة لعنهما الله وقد كان الرجال هذا قد وفد إلى النبي A وقرأ البقرة وجاء زمن الردة إلى أبي بكر فبعثه إلى أهل اليمامة يدعوهم إلى الله ويثبتهم على الأسلام فارتد مع مسيلمة وشهد له بالنبوة قال سيف بن عمر عن طلحة عن عكرمة عن أبي هريرة كنت يوما عند النبي A في رهط معنا الرجال بن عنفوة فقال إن فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من أحد فهلك القوم وبقيت انا والرجال وكنت متخوفا لها حتى خرج الرجال مع مسيلمة وشهد له بالنبوة فكانت فتنة الرجال أعظم من فتنة مسيلمة رواه ابن اسحاق عن شيخ عن أبي هريرة وقرب خالد وقد جعل على المقدمة شرحبيل بن حسنة وعلى المجنبتين زيدا وأبا حذيفة وقد مرت المقدمة في الليل بنحو من أربعين وقيل ستين فارسا عليهم مجاعة بن مرارة وكان