ثم دخلت سنة ثماني عشرة .
المشهور الذي عليه الجمهور ان طاعون عمواس كان بها وقد تبعنا قول سيف بن عمر وابن جرير في ايراده ذلك في السنة التي قبلها لكنا تذكر وفاة من مات في الطاعون في هذه السنة ان شاء الله تعالى قال ابن اسحاق وابو معشر كان في هذه السنة طاعون عمواس وعام الرمادة فتفاني فيهما الناس قلت كان في عام الرمادة جدب عم ارض الحجاز وجاع الناس جوعا شديدا وقد بسطنا القول في ذلك في سيرة عمر وسميت عام الرمادة لأن الأرض اسودت من قلة المطر حتى عاد لونها شبيها بالرماد وقيل لأنها تسفى الريح ترابا كالرماد ويمكن ان تكون سميت لكل منها والله اعلم وقد اجدبت الناس في هذا السنة بارض الحجاز وجفلت الاحياء الى المدينة ولم يبق عند احد منهم زاد فلجأوا الى امير المؤمنين فانفق فيهم من حواصل بيت المال مما فيه منا الأطعمة والاموال حتى انفذه والزم نفسه ان لايأكل سمنا ولا سمينا حتى يكشف ما بالناس فكان في زمن الخصب يبث له الخبز باللبن والسمن ثم كان عام الرمادة يبث له بالزيت والخل وكان يستمرئ الزيت وكان لايشبع مع ذلك فاسود لون عمر Bه وتغير جسمه حتى كاد يخشى عليه من الضعف واستمر هذا الحال في الناس تسعة اشهر ثم تحول الحال الى الخصب والدعة وانشمر الناس عن المدينة الى اما كنهم .
قال الشافعي بلغني ان رجلا من العرب قال لعمر حين ترحلت الأحياء عن المدينة لقد انجلت عنك ولانك لابن حرة أي واسيت الناس وانصفتهم واحسنت اليهم وقد روينا ان عمر عس المدينة ذات ليلة عام الرمادة فلم يجد احدا يضحك ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادةولم ير سائلا يسأل فسأل عن سبب ذلك فقيل له يا امير المؤمنين ان السؤال سألوا فلم يعطوا فقطعوا السؤال والناس في هم وضيق فهم لايتحدثون ولايضحكون فكتب عمر الى بمصر أن يا غوثاه لأمة محمد فبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات ووصلت ميرة عمرو في البحر إلى جدة ومن جدة إلى مكة وهذا الأثر جيد الإسناد لكن ذكر عمرو بن العاص في ابي موسى بالبصرة ان يا غوثاه لامة محمد وكتب الى عمرو بن العاص عام الرمادة مشكل فان مصر لم تكن فتحن في سنة ثماني عشرة فاما ان يكون عام الرمادة بعد سنة ثماني عشرة او يكون ذكر عمرو بن العاص في عام الرمادة وهم والله اعلم .
وذكر سيف عن شيوخه ان ابا عبيدة قدم المدينة ومعه اربعة آلاف راحله تحمل طعاما فامره عمر بتفريقها في الأحياء حول المدينة فلما فرغ من ذلك امر له باربعة آلاف درهم فأبى ان يقبلها فلح عليه عمر حتى قبلها