وإنا إليه راجعون ولم يزل ذلك دأبهم حتى أصبح الناس من يوم الجمعة وهم كذلك وصلى الناس الصبح إيماء وهم في القتال حتى تضاحي النهار وتوجه النصر لأهل العراق على أهل الشام وذلك أن الأشتر النخعي صارت إليه إمرة الميمنة فحمل بمن فيها على أهل الشام وتبعه على فتنقضت غالب صفوفهم وكادوا ينهزمون فعند ذلك .
رفع أهل الشام المصاحف .
فوق الرماح وقالوا هذا بيننا وبينكم وقد فنى الناس فمن للثغور ومن لجهاد المشركين والكفار .
وذكر ابن جرير وغيره من أهل التاريخ أن الذي أشار بهذا هو عمرو بن العاص وذلك لما رأى أن أهل العراق قد استظهروا في ذلك الموقف أحب أن ينفصل الحال وأن يتأخر الأمر فأن كلا من الفريقين صابر للآخر والناس يتفانون فقال إلى معاوية إني قد رايت أمرا لا يزيدنا هذه الساعة إلا اجتماعا ولا يزيدهم إلا فرقه ارى أن نرفع المصاحف وندعوهم إليها فأن أجابوا كلهم إلى ذلك برد القتال وإن اختلفوا فيما بينهم فمن قائل نجيبهم وقائل لا نجيبهم فشلوا وذهب ريحهم وقال الإمام أحمد حدثنا يعلى بن عبيد عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بالنهر وإن فيما استجابوا له وفيما فارقوه وفيما استحل قتالهم فقال كنا بصفين فلما استحر القتال بأهل الشام اعتصموا بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل إلى علي بمصحف فأدعه إلى كتاب الله فأنه لن يأبى عليك فجاء به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم ويتولى فريق منهم بعد ذلك وهم معرضون آل عمران فقال علي نعم أنا أولى بذلك بيننا وبينكم كتاب الله قال فجاءته الخوارج ونحن ندعوهم يومئذ القراء وسيوفهم على عواتقهم فقالوا يا أمير المؤمنين ما ينتظر هؤلاء القوم الذين على التل ألا نمشي إليهم سيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم فتكلم سهل بن حنيف فقال يا أيها الناس اتهموا أنفسكم فلقد رايتنا يوم الحديبية يعني الصلح الذي كان بين رسول الله وبين المشركين ولو نرى قتالا لقاتلنا فجاء عمر إلى رسول الله فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل وذكر تمام الحديث كما تقدم في موضعه رفع أهل الشام المصاحف .
فلما رفعت المصاحف قال أهل العراق نجيب إلى كتاب الله وننيب إليه قال أبو مخنف حدثني عبد الرحمن بن جندب الأزدي عن أبي أن عليا قال عباد الله أمضوا إلى حقكم وصدقكم وقتال عدوكم فإن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح والضحاك ابن قيس ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن أنا أعرف بهم منكم صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال ويحكم والله إنهم ما رفعوها إنهم يقرأونها ولا يعملون بما فيها وما