وعظمه وأجله واجلسه معه على السرير ورفع منزلته ثم تكلم القوم فأثنوا على عبيد الله والأحنف ساكت فقال له معاوية مالك يا أبا بحر لا تتكلم فقال له إن تكلمت خالفت القوم فقال معاوية انهضوا فقد عزلته عنكم فاطلبوا واليا ترضونه فمكثوا أياما يترددون إلى أشراف بنى أمية يسألون كل واحد أن يتولى عليهم فلم يقبل أحد منهم ذلك ثم جمعهم معاوية فقال من اخترتم فاختلفوا عليه والأحنف ساكت فقال له معاوية مالك لا تتكلم فقال يا أمير المؤمنين إن كنت تريد غير أهل بيتك فرأيك فقال معاوية قد أعدته إليكم وقال ابن جرير قال الأحنف يا أمير المؤمنين إن وليت علينا من أهل بيتك فانا لا نعدل بعبيد الله بن زياد أحدا وإن وليت علينا من غيرهم فانظر لنا فى ذلك فقال معاوية قد أعدته إليكم ثم إن معاوية أوصى عبيد الله ابن زياد بالأحنف خيرا وقبح رأيه فيه وفى مباعدته فكان الأحنف بعد ذلك أخص أصحاب عبيد الله ولما وقعت الفتنة لم يف لعبيد الله غير الأحنف بن قيس والله أعلم .
قصة يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميرى مع ابني زياد عبيد الله وعباد .
ذكر ابن جرير عن ابى عبيدة معمر بن المثنى وغيره أن هذا الرجل كان شاعرا وكان مع عباد بن زياد بسجستان فاشتغل عنه بحرب الترك وضاق على الناس علف الدواب فقال ابن مفرغ شعرا يهجو به ابن زياد على ما كان منه فقال ... ألا ليت اللحى كانت حشيشا ... فنعلفها خيول المسلمينا ... .
وكان عباد بن زياد عظيم اللحية كبيرها جدا فبلغه ذلك فغضب وتطلبه فهرب منه وقال فيه قصائد يهجوه بها كثيرة فمن ذلك قوله ... إذا أودى معاوية بن حرب ... فبشر شعب قعبك بانصداع ... فأشهد أن أمك لم تباشر ... أبا سفيان واضعة القناع ... ولكن كان أمرا فيه لبس ... على خوف شديد وارتياع ... وقال أيضا ... ألا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلغة من الرجل اليمانى ... أتغضب أن يقال أبوك عف ... وترضى أن يقال أبوك زانى ... فأشهد أن رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتان ... .
فكتب عباد بن زياد إلى أخيه عبيد الله وهو وافد على معاوية بهذه الأبيات فقرأها عبيد الله على معاوية واستأذنه فى قتله فقال لا تقتله ولكن أدبه ولا تبلغ به القتل فلما رجع عبيد الله إلى البصرة استحضره وكان قد استجار بوالد زوجة عبيد الله بن زياد وهو المنذر بن الجارود وكانت