ماذا تقول لافراخ بذى مرح ... زعب الحواصل لا ماء ولا شجر ... غادرت كاسبهم فى قعر مظلمة ... فارحم هداك مليك الناس يا عمر ... أنت الامام الذى من بعد صاحبه ... ألقى إليك مقاليد النهى البشر ... لم يؤثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الأثر ... فامنن على صبية بالرمل مسكنهم ... بين الأباطح يغشاهم بها القدر ... نفسى فداؤك كم بينى وبينهم ... من عرض وادية يعمى بها الخبر ... .
قال فلما قال الحطيئة ماذا تقول الافراخ بذى مرح بكى عمر فقال عمرو بن العاص ما أظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء أعدل من رجل يبكى على تركه الحطيئة ثم ذكروا أنه أراد قطع لسان الحطيئة لئلا يهجو به الناس فأجلسه على كرسى وجىء بالموسى فقال الناس لا يعود يا أمير المؤمنين وأشاروا إليه قل لا أعود فقال له عمر النجا فلما ولى قال له عمر ارجع يا حطيئة فرجع فقال له كأنى بك عند شاب من قريش قد كسر لك نمرقة وبسط لك أخرى وقال يا حطيئة غننا فاندفعت تغنيه بأعراض الناس قال أسلم فرأيت الحطيئة بعد ذلك عند عبيد الله ابن عمر وقد كسر له نمرقة وبسط له أخرى وقال يا حطيئة غننا فاندفع حطيئة يغنى فقلت له يا حطيئة أتذكر يوم عمر حين قال لك ما قال ففزع وقال رحم الله ذلك المرء لو كان حيا ما فعلنا هذا فقلت لعبيد الله إنى سمعت أباك يقول كذا وكذا فكنت أنت ذلك الرجل وقال الزبير حدثنى محمد بن الضحاك عن ابيه قال قال عمر للحطيئة دع قول الشعر قال لا أستطيع قال لم قال هو مأكلة عيالى وعلة لسانى قال فدع المدحة المجحفة قال وما هى يا أمير المؤمنين قال تقول بنو فلان أفضل من بنى فلان امدح ولا تفضل فقال أنت أشعر منى يا أمير المؤمنين ومن مديحه الجيد المشهور قوله ... أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللوم أوسدوا المكان الذى سدوا ... أولئك قومى إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا ... وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها ... وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا ... .
قالوا ولما احتضر الحطيئة قيل له أوص قال أوصيكم بالشعر ثم قال .
... الشعر صعب وطويل سلمة ... إذا ارتقى فيه الذى لا يعلمه ... زلت به إلى الحضيض قدمه ... والشعر لا يستطيعه من يظلمه ... أراد أن يعربه فأعجمه ... قال أبو الفرج الجوزى فى المنتظم توفى الحطيئة فى هذه السنة وذكر أيضا فيها وفاة