وهو بمكة يخطبونه لأنفسهم فكتب إلى انس بن مالك ليصلى بهم ويقال إن أول من بايع الزبير مصعب بن عبد الرحمن فقال الناس هذا أمر فيه صعوبة وبايعه عبد الله بن جعفر وعبد الله ابن على بن أبى طالب وبعث إلى ابن عمر وابن الحنفية وابن عباس ليبايعوا فأبوا عليه وبويع فى رجب بعد أن أقام الناس نحو ثلاثة أشهر بلا إمام وبعث الزبير إلى أهل الكوفة عبد الرحمن ابن يزيد الأنصارى على الصلاة وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله على الخراج واستوثق له المصران جميعا وأرسل إلى مصر فبايعوه واستناب عليها عبد الرحمن بن جحدر وأطاعت له الجزيرة وبعث على البصرة الحارث بن عبد الله بن ربيعة وبعث إلى اليمن فبايعوه وإلى خراسان فبايعوه وإلى الضحاك بن قيس بالشام فبايع وقيل إن أهل دمشق وأعمالها من بلاد الأردن لم يبايعوه لأنهم بايعوا مروان بن الحكم لما رجع الحصين بن نمير من مكة إلى الشام وقد كان التف على عبد الله بن الزبير جماعة من الخوارج يدافعون عنه منهم نافع بن الأزرق وعبد الله بن أباض وجماعة من رؤسهم فلما استقر أمره فى الخلافة قالوا فيما بينهم إنكم قد أخطأتم لأنكم قاتلتم مع هذا الرجل ولم تعلموا رأيه فى عثمان بن عفان وكانوا ينتقصون عثمان فاجتمعوا إليه فسألوه عن عثمان فأجابهم فيه بما يسوؤهم وذكر لهم ما كان متصفا به من الإيمان والتصديق والعدل والاحسان والسيرة الحسنة والرجوع إلى الحق إذا تبين له فعند ذلك نفروا عنه وفارقوه وقصدوا بلاد العراق وخراسان فتفرقوا فيها بأبدانهم وأديانهم ومذاهبهم ومسالكهم المختلفة المنتشرة التى لا تنضبط ولا تنحصر لأنها مفرعة على الجهل وقوة النفوس والاعتقاد الفاسد ومع هذا استحوذوا على كثير من البلدان والكور حتى انتزعت منهم على ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله .
ذكر بيعة مروان بن الحكم .
وكان سبب ذلك أن حصين بن نمير لما رجع من أرض الحجاز وارتحل عبيد الله بن زياد من البصرة إلى الشام وانتقلت بنو أمية من المدينة إلى الشام اجتمعوا إلى مروان بن الحكم بعد موت معاوية بن يزيد وقد كان معاوية بن يزيد قد عزم على أن يبايع لابن الزبير بدمشق وقد بايع أهلها الضحاك بن قيس على أن يصلح بينهم ويقيم لهم أمرهم حتى يجتمع الناس على إمام والضحاك يريد أن يبايع لابن الزبير وقد بايع لابن الزبير النعمان بن بشير بحمص وبايع له زفر بن عبد الله الكلابى بقنسرين وبايع له نائل بن قيس بفلسطين وأخرج منها روح بن زنباع الجذامى فلم يزل عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير بمروان بن الحكم يحسنون له أن يتولى حتى ثنوه عن رأيه وحذروه من دخول سلطان ابن الزبير وملكه إلى الشام وقالوا له أنت شيخ قريش وسيدها فأنت أحق بهذا الأمر فرجع عن البيعة لابن الزبير وخاف ابن زياد الهلاك إن تولى غير بنى