مراحل ما يتقدمون مرحلة إلى نحو الشام إلا تخلف عنه طائفة من الناس الذين معه فلما مروا بقبر الحسين صاحوا صيحة واحدة وتباكوا وباتوا عنده ليلة يصلون ويدعون وظلوا يوما يترحمون عليه ويستغفرون له ويترضون عنه ويتمنون أن لو كانوا ماتوا معه شهداء قلت لو كان هذا العزم والاجتماع قبل وصول الحسين إلى تلك المنزلة لكان أنفع له وأنصر من اجتماع سليمان وأصحابه لنصرته بعد أربع سنين ولما أرادوا الانصراف جعل لا يريم أحد منهم حتى يأتى القبر فيترحم عليه ويستغفر له حتى جعلوا يزدحمون أشد من ازدحامهم عند الحجر الأسود ثم ساروا قاصدين الشام فلما اجتازوا بقرقيسيا تحصن منهم زفر بن الحارث فبعث إليه سليمان بن صرد إنا لم نأت لقتالكم فأخرج إلينا سوقا فإنا إنما نقيم عندكم يوما أو بعض يوم فأمر زفر بن الحارث أن يخرج إليهم سوق وأمر للرسول إليه وهو المسيب بن نجية بفرس وألف درهم فقال أما المال فلا وأما الفرس فنعم وبعث زفر بن الحارث إلى سليمان بن صرد ورؤس الأمراء الذين معه إلى كل واحد عشرين جزورا وطعاما وعلفا كثيرا ثم خرج زفر بن الحارث فشيعهم وسار مع سليمان بن صرد وقال له إنه قد بلغنى أن أهل الشام قد جهزوا جيشا كثيفا وعددا كثيرا مع حصين بن نمير وشرحبيل بن ذى الكلاع وأدهم بن محرز الباهلى وربيعة بن مخارق الغنوى وجبلة بن عبد الله الخثعمى فقال سليمان بن صرد على الله توكلنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ثم عرض عليهم زفر أن يدخلوا مدينته أو يكونوا عند بابها فان جاءهم أحد كان معهم عليه فأبوا أن يقبلوا وقالوا قد عرض علينا أهل بلدنا مثل ذلك فامتنعنا قال فاذا أبيتم ذلك فبادروهم إلى عين الوردة فيكون الماء والمدينة والأسواق والسباق خلف ظهوركم وما بيننا وبينكم فأنتم آمنون منه ثم أشار عليهم بما يعتمدونه فى حال القتال فقال ولا تقاتلوهم فى فضاء فانهم أكثر منكم عددا فيحيطون بكم فانى لا أرى معكم رجالا والقوم ذووا رجال وفرسان ومعهم كراديس فاحذروهم فأثنى عليه سليمان بن صرد والناس خيرا ثم رجع عنهم وسار سليمان بن صرد فبادر إلى عين الوردة فنزل غربيها واقام هناك قبل وصول أعدائه إليه واستراح سليمان وأصحابه واطمأنوا .
وقعة عين وردة .
فلما اقترب أهل الشام إليهم خطب سليمان أصحابه فرغبهم فى الآخرة وزهدهم في الدنيا وحثهم عل الجهاد وقال إن قتلت فالأمير عليكم المسيب بن نجية فإن قتل فعبد الله بن سعد بن نفيل فإن قتل فعبد الله بن وال فان قتل فرفاعة بن شداد ثم بعث بين يديه المسيب بن نجية فى خمسمائة فارس فأغاروا على جيش ابن ذى الكلاع وهم عارون فقتلوا منهم جماعة وجرحوا آخرين