وكثرة دورها ودروبها ومنازلها وشوارعها ومساجدها وحماماتها وخاناتها وطيب هوائها وعذوبة مائها وبرد ظلالها واعتدال صيفها وشتائها وصحة بيعها وخريفها وأكثر ما كانت عمارة وأهلا في أيام الرشيد ثم ذكرتنا قص أحوالها وهلم جراإلى زمانه قلت وكذا من بعده إلى زماننا هذا ولا سيما في أيام هولاكو بن تولى بن جنكر بن خان التركي الذي ووضع معالمها وقتل خليفتها وعالمها وخرب دورها وهدم قصورها وأباد الخواص والعوام من أهلها في ذلك العام وأخذ الأموال والحواصل ونهب الذراري والاصائل وأورث بها حزنا يعدد به في المبكرات والأصائل وصيرها في الاقاليم وعبرة لكل معتبر عليم وتذكره لكل ذي عقل مستقيم وبدلت بعد تلاوة القرآن بالنغمات والالحان وإنشاد الأشعار وكان وكان وبعد سماع الاحاديث النبوية بدرس الفلسفة اليونانية والمناهج الكلامية والتأويلات القرمطية وبعد العلماء بالأطباء وبعد الخليفة العباسي بشر الولاه من الاناسي وبعد الرياسة والنباهة بالخساسة والسفاهة وبعد الطلبة المشتغلين بالظلمة والعيارين وبعد العلم بالثقة والحديث وتعبير الرؤيا بالموشح ودوبيت ومواليا وما أصابهم ذلك إلا ببعض ذنوبهم وما ربك بظلام للعبيد والتحول منها في هذا الزمان لكثرة ما فيها من المنكرات الحسية والمعنوية وأكل الحشيشه والانتقال عنها إلى بلاد الشام الذي تكفل الله باهلها أفضل وأكمل وأجمل .
وقد روى الامام أحمد عن رسول الله A أنه قال ( لا تقوم الساعة حتى يتحول خيار أهل العراق إلى الشام وشرار أهل الشام إلى العراق ) .
( ما ورد في مدينة بغداد من الآثار وما فيها من الأخبار ) .
فيها أربع لغات بغداد وبغداد بأهمال الدال الثانية وإعجامها وبغدان بالنون آخره وبالميم مع ذلك أولا مغدان وهي كلمة أعجمية قيل أنها مركبة من بغ وداد فقيل بغ بستان وداد اسم رجل وقيل بغ اسم صنم وقيل شيطان وداد عطية الضم ولهذا كره عبدالله بن المبارك والأصمعي وغيرهما تسميتها بغداد وإنما يقال لها مدينة السلام وكذا أسماها بانيها أبو جعفر المنصور لأن دجلة كان يقال لها وادي السلام ومنهم من يسميها الزوراء .
فروى الخطيب البغدادي من طريق عمار بن سيف وهومتهم قال سمعت عاصم الأحول يحدث عن سفيان الثوري عن أبي جرير بن عبدالله فال قال رسول الله A ( تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة تجبي إليها خزائن الارض وملوكها جبابرة فلهى أسرع ذهابا في الارض من الوتد الحديد في الارض الرخوة ) قال الخطيب وقد رواه عن عاصم الأحول سيف ابن أخت سفيان الثوري وهو أخو عمار بن يوسف قلت وكلاهما ضعبيف متهم يرمى بالكذب ومحمد بن جابر اليماني ضعيف وأبو شهاب الحناطي ضعيف وروى عن سفيان الثورى