فقال الرشيد أضغاث أحلام فقالت كلا والله يا أمير المؤمنين فكأنما كتبت هذه الابيات في قلبي ثم ما زالت ترتعد وتضطرب حتى ماتت قبل الصباح وفيها ماتت ( هيلانه ) جارية الرشيد وهو الذي سماها هيلانه لكثرة قولها هي لانه قال الأصمعي وكان لها محبا وكانت قبله لخالد بن يحيى بن برمك فدخل الرشيد يوما منزله قبل الخلافة فاعترضته في طريقه وقالت أمالنا منك نصيب فقال وكيف السبيل إلى ذلك فقالت استوهبني من هذا الشيخ فاستوهبها من يحيى بن خالد فوهبها له وحظيت عنده ومكثت عنده ثلاثة سنين ثم توفيت فحزن عليها حزنا شديدا ورثاها وكان من قوله فيها ... قد قلت لما ضمنوك الثرى ... وجالت الحسرة في صدري ... أذهب فلاق الله لا سرني ... بعدك شيء آخر الدهر ... .
وقال العباس بن الأحنف في موتها ... يامن تباشرت القبور بموتها ... قصد الزمان مساءتي فرماك ... أبغي الأنيس فما أرى لي مؤنسا ... إلا التردد حيث كنت أراك ... .
قال فأمر له الرشيد بأربعين ألفا لكل بيت عشرة آلاف فالله أعلم .
( ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائة من الهجرة النبوية ) .
فيها وقعت عصبية بالشام وتخبيط من أهلها وفيها استقضى الرشيد يوسف ابن أبي يوسف وأبوه حي وفيها عزا الصائفة عبد الملك بن صالح فدخل بلاد الروم وفيها حج بالناس الرشيد فلما اقترب من مكة بلغه أن فيها وباء فلم يدخل مكة حتى كان وقت الوقوف فوقف ثم جاء المزدلفة ثم منى ثم دخل مكة فطاف وسعى ثم ارتحل ولم ينزل بها .
( ثم دخلت سنة خمس وسبعين ومائة ) .
فيها أخذ الرشيد بولاية العهد من بعده لولده محمد بن زبيده وسماه الامين وعمره إذ ذاك خمس سنين فقال في ذلك سلم الخاسر ... قد وفق الله الخليفة إذ بنى ... بيت الخلافة للهجان الأزهر ... فهو الخليفة عن أبيه وجده ... شهدا عليه بمنظر وبمخبر ... قد بايع الثقلان في مهد الهدى ... لمحمد بن زبيدة ابنة جعفر ... .
وقد كان الرشيد يتوسم النجابة والرجاحة في عبدالله المأمون ويقول والله فيه حزم المنصور ونسك المهدي وعزة نفس الهادي ولو شئت أن أقول الرابعة مني لقلت وإني لأقدم محمد بن زبيدة وإني لأعلم أنه متبع هواه ولكن لاأستطيع غير ذلك ثم أنشأ يقول