الكعبة وأخذ من الناس نحوا من مائتي ألف دينار ثم خرج إلى المدينة النبوية فهرب منه نائبها أيضا علي بن الحسين بن علي بن إسماعيل ثم رجع إسماعيل بن يوسف إلى مكة في رجب فحصر أهلها حتى هلكوا جوعا وعطشا فبيع الخبز ثلاث أواق بدرهم واللحم الرطل بأربعة وشربة الماء بثلاثة دراهم ولقي من أهل مكة كل بلاء فترحل عنهم إلى جدة بعد مقامه عليهم سبعة وخمسين يوما فانتهب أموال التجار هنالك وأخذ المراكب وقطع الميرة عن أهل مكة ثم عاد إلى مكة لا جزاه الله خيرا عن المسلمين فلما كان يوم عرفة لم يمكن الناس من الوقوف نهار ولا ليلا وقتل من الحجيج ألفا ومائة وسلبهم أموالهم ولم يقف بعرفة عامئذ سواه ومن معه من الحرامية لا تقبل الله منهم صرفا ولا عدلا وفيها وهن أمر الخلافة جدا وفيها توفي من الأعيان إسحاق بن منصور الكوننج وحميد بن زنجويه وعمرو بن عثمان بن كثير بن دينار الحمصي وأبو البقي هشام بن عبدالملك اليزني .
سنة ثنتين وخمسين ومائتين .
ذكر خلافة المعتز بالله بن المتوكل على الله بعد خلع المستعين نفسه استهلت هذه السنة وقد استقرت الخلافة باسم أبي عبدالله محمد المعتز بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد وقيل إن اسم المعتز أحمد وقيل الزبير وهوالذي عول عليه ابن عساكر وترجمة في تاريخه فلما خلع المستعين نفسه من الخلافة وبايع للمعتز دعا الخطباء يوم الجمعة لابع المحرم من هذه السنة بجوامع بغداد على المنابر للخليفة المعتز بالله وانتقل المستعين من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل هو وعياله وولده وجواريه ووكل بهم سعيد بن رجاء في جماعة معه وأخذ من المستعين البردة والقضيب والخاتم وبعث بذلك إلى المعتز ثم أرسل إليه المعتز يطلب منه خاتمين من جوهر ثمين عنده يقال لأحدهما برج وللآخر جبل فأرسلهما وطلب المستعين أن يسير إلى مكة فلم يمكن فطلب البصرة فقيل له إنها وبيئة فقال إن ترك الخلافة أوبأ منها ثم أذن له في المسير إلى واسط فخرج ومعه حرس يوصلونه إليها نحو من أربعمائة واستوزر المعتز أحمد بن أبي إسرائيل وخلع عليه وألبسه تاجا على رأسه ولما تمهد أمر بغداد واستقرت البيعة للمعتز بها ودان له أهلها وقدمتها الميرة من كل جانب واتسع الناس في الأرزاق والأطعمة ركب أبو أحمد منها في يوم السبت لثنتي عشرة ليلة من المحرم إلى سامرا وشيعه ابن طاهر في وجوه الأمراء فخلع أبو أحمد على ابن طاهر خمس خلع وسيفا ورده من الطريق إلى بغداد وقد ذكر ابن جرير مدائح الشعراء في المعتز وتشفيهم بخلع المستعين فأكثر من ذلك جدا فمن ذلك قول محمد بن مروان بن أبي الجنوب ابن مروات في مدح المعتز وذم المستعين كما جرت به عادة الشعراء ... إن الأمور إلى المعتز قد رجعت ... والمستعين إلى حالاته رجعا