وفيها توفي من الأعيان إبراهيم بن رومة وصالح بن الإمام أحمد بن حنبل قاضي أصبهان ومحمد بن شجاع البلخي أحد عباد الجهمية ومحمد بن عبدالملك الدقيقي .
ثم دخلت سنة سبع وستين ومائتين .
فيها وجه أبو أحمد الموفق ولده أبا العباس في نحو من عشرة آلاف فارس وراجل في أحسن هيئة وأكمل تجمل لقتال الزنج فساروا نحوهم فكان بينهم وبينهم من القتال والنزال في أوقات متعددات ووقعات مشهورات ما يطول بسطه وقد استقصاه ابن جرير في تاريخه مبسوطا مطولا وحاصل ذلك أنه آل الحال أن استحوذ أبو العباس بن الموفق على ما كان استولى عليه الزنج ببلاد واسط وأراضي دجلة هذا وهو شاب حدث لا خبرة له بالحرب ( ولكن سلمة الله وغنمه وأعلى كلمته وسدد رميته وأجاب دعوته وفتح على يديه وأسبغ نعمه عليه وهذا الشاب هو الذي ولى الخلافة ) ( 1 ) بعد عمه المعتمد كما سيأتي ثم ركب أبو أحمد الموفق ناصر دين الله في بغداد في صفر منها في جيوش كثيفة فدخل واسط في ربيع الأول منها فتلقاه ابنه وأخبره عن الجيوش الذين معه وأنهم نصحوا وتحملوا من أعباء الجهاد فخلع على الأمراء كلهم خلعا سنية ثم سار بجميع الجيوش إلى صاحب الزنج وهو بالمدينة التي أنشأها وسماها المنيعة فقاتل الزنج دونها قتالا شديدا فقهرهم ودخلها عنوة وهربوا منها فبعث في آثارهم جيشا فلحقوهم إلى البطائح يقتلون ويأسرون وغنم ابو أحمد من المنيعة شيئا كثيرا واستنقذ من النساء المسلمات خمسة آلاف امرأة وأمر بإرسالهن إلى أهاليهن بواسط وأمر بهدم سور البلد وبطم خندقها وجعلها بلقعا بعد ما كنات للشر مجمعا ثم سار الموفق إلى المدينة التي لصاحب الزنج التي يقال لها المنصورة وبها سليمان بن جامع فحاصروها وقاتلوه دونها فقتل خلق كثير من الفريقين ورمى أبو العباس بن الموفق بسهم أحمد بن هندي أحد أمراء صاحب الزنج فأصابه في دماغه فقتله وكان من أكابر أمراء صاحب الزنج فشق ذلك على الزنج جدا وأصبح الناس محاصرين مدينة الزنج يوم السبت لثلاث بقين من ربيع الآخر والجيوش الموفقية مرتبة أحسن ترتيب فتقدم الموفق فصلى أربع ركعات وابتهل إلى الله في الدعاء واجتهد في حصارها فهزم الله مقاتلتها وانتهى إلى خندقها فإذا هو قد حصن غاية التحصين وإذا هم قد جعلوا حول البلد خمسة خنادق وخمسة أسوار فجعل كلما جاوز سورا قاتلوه دون الآخر فيقهرهم ويجوز إلى الذي يليه حتى انتهى إلى البلد فقتل منهم خلقا كثيرا وهرب بقيتهم وأسر من نساء الزنج من حلائل سليمان بن جامع وذويه نساء كثيرة وصبيانا واستنقذ من ايديهم النساء المسلمات والصبيان من أهل البصرة والكوفة نحوا من عشرة آلاف نسمة فسيرهم إلى أهليهم جزاه الله خيرا