وفيها قصدت الأتراك بلاد ما وراء النهر في حجافل عظيمة فبيتهم المسلمون فقتلوا منهم خلقا كثيرا وسبوا منهم ما لا يحصون [ ورد الله الذين كفروا بغيظهم لما ينالوا خيرا ] وفيها بعث ملك الروم عشرة صلبان مع كل صليب عشرة آلاف فغاروا على أطراف البلاد وقتلوا خلقا وسبوا نساء وذرية وفيها دخل نائب طرسوس بلاد الروم ففتح مدينة أنطاكية وهي مدينة عظيمة على ساحل البحر تعادل عندهم القسطنطينية وخلص من أسارى المسلمين خمسة آلاف أسير وأخذ للروم ستين مركبا وغنم شيئا كثيرا فبلغ نصيب كل واحد من الغزاة ألف دينار وحج بالناس فيها الفضل بن عبدالملك الهاشمي وفيها توفي من الأعيان .
أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار .
أبو العباس الشيباني مولاهم الملقب بثعلب إمام الكوفيين في النحو واللغة مولده في سنة مائتين سمع محمد بن زياد الأعرابي والزبير بن بكار والقواريري وغيرهم وعنه ابن الأنباري وابن عرفة وأبو عمرو الزاهد وكان ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالصدق والحفظ وذكر أنه سمع من القواريري مائة ألف حديث توفي يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من جمادى الأولى منها عن إحدى وتسعين سنة قال ابن خلكان وكان سبب موته أنه خرج من الجامع وفي يده كتاب ينظر فيه وكان قد أصابه صمم شديد فصدمته فرس فألقته في هوة فاضطرب دماغه فمات في اليوم الثاني C وهو مصنف كتاب الفصيح وهو صغير الحجم كثير الفائدة وله كتاب المصون واختلاف النحويين ومعاني القرآن وكتاب القراءات ومعاني الشعر وما يلحن فيه العامة وغير ذلك وقد نسب إليه من الشعر قوله ... إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها ... فكم تلبث النفس التي أنت قوتها ... سيبقى بقاء النبت في الماء أو كما ... أقام لدى يمومة الماء صوتها ... أغرك أنى قال تصبرت جاهدا ... وفي النفس مني منك ما سيميتها ... فلو كان ما بي بالصخور لهدها ... وبالريح ما هبت وطال حفوفها ... فصبرا لعل الله يجمع بيننا ... فأشكو هموما منك فيك لقيتها ... وفيها توفي القاسم بن عبيدالله بن سليمان بن وهب الوزير تولى بعد أبيه الوزارة في آخر أيام المعتضد ثم تولى لولده المكتفي فلما كان رمضان من هذه السنة مرض فبعث إلى السجون فأطلق من فيها من المطلبيين ثم توفى في ذي القعدة منها وقد قارب ثلاثا وثلاثين سنة وقد كان حظيا عند الخليفة وخلف من الأموال ما يعدل سبعمائة ألف دينار ومحمد بن محمد بن إسماعيل بن شداد أبو عبدالله البصري القاضي بواسط المعروف بالجبروعي