أول دولة بني بويه وحكمهم ببغداد .
أقبل معز الدولة أحمد بن الحسن بن بويه في جحافل عظيمة من الجيوش قاصدا بغداد فلما اقترب منها بعث إليه الخليفة المستكفي بالله الهدايا والانزالات وقال للرسول أخبروه أني مسرور به وأني إنما اختفيت من شر الأتراك الذين انصرفوا إلى الموصل وبعث إليه بالخلع والتحف ودخل معز الدولة بغداد في جمادى الأولى من هذه السنة فنزل بباب الشماسية ودخل من الغد إلى الخليفة فبايعه ودخل عليه المستكفي ولقبه بمعز الدولة ولقب أخاه أبا الحسن بعماد الدولة وأخاه أبا علي الحسن بركن الدولة وكتب ألقابهم على الدراهم والدنانير ونزل معز الدولة بدار مؤنس الخادم ونزل أصحابه من الديلم بدور الناس فلقى الناس منهم ضائقة شديدة وأمن معز الدولة ابن شيرزاد فلما ظهر استكتبه على الخراج ورتب للخليفة بسبب نفقاته خمسة آلاف درهم في كل يوم وا الأمور على هذا النظام والله أعلم .
القبض على الخليفة المستكفي بالله وخلعه .
لما كان اليوم الثاني والعشرين من جمادى الآخرة حضر معز الدولة إلى الحضرة فجلس على سرير بين يدي الخليفة وجاء رجلان من الديلم فمدا أيديهما إلى الخليفة فأنزلاه عن كرسيه وسحباه فتحربت عمامته في حلقه ونهض معز الدولة واضطربت دار الخلافة حتى خلص إلى الحريم وتفاقم الحال وسيق الخليفة ماشيا إلى دار معز الدولة فاعتقل بها وأحضر أبو القاسم الفضل بن المقتدر فبويع بالخلافة وسملت عينا المستكفي وأودع السجن فلم يزل به مسجونا حتى كانت وفاته في سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة كما يأتي ذكر ترجمته هناك .
خلافة المطيع لله .
لما قدم معز الدولة بغداد وقبض على المستكفي وسمل عينيه استدعى بأبي القاسم الفضل بن المقتدر بالله وقد كان مختفيا من المستكفي وهو يحث على طلبه ويجتهد فلم يقدر عليه ويقال إنه اجتمع بمعز الدولة سرا فحرضه على المستكفي حتى كان من أمره ما كان ثم أحضره وبويع له بالخلافة ولقب بالمطيع الله وبايعه الأمراء والأعيان والعامة وضعف أمر الخلافة جدا حتى لم يبق للخليفة أمر ولا نهي ولا وزير أيضا وإنما يكون له كاتب على أقطاعه وإنما الدولة ومورد المملكة ومصدرها راجع إلى معز الدولة وذلك لأن بني بويه ومن معهم من الديلم كان فيهم تعسف شديد وكانوا يرون أن بني العباس قد غصبوا الأمر من العلويين حتى عزم معز الدولة على تحويل الخلافة إلى العلويين واستشار أصحابه فكلهم أشار عليه بذلك إلا رجلا واحدا من أصحابه كان سديد الرأي فيهم فقال لا أرى لك ذلك قال ولم ذاك قال لأن هذا خليفة ترى أنت وأصحابك أنه غير صحيح الإمارة