القاسم هذا إلى الديار المصرية وأسر الحسن بن طغج وجماعة من الأمراء وحملوا إلى الديار المصرية فحملهم جوهر القائد إلى المعز بإفريقية واستقرت يد الفاطميين على دمشق في سنة ستين كما سيأتي وأذن فيها وفي نواحيها بحي على خير العمل أكثر من مائة سنة وكتب لعنة الشيخين على أبواب الجوامع بها وأبواب المساجد فإنا لله وإنا إليه راجعون ولم يزل ذلك كذلك حتى أزالت ذلك دولة الأتراك والأكراد نور الدين الشهيد وصلاح الدين بن أيوب على ما سيأتي بيانه وفيها دخلت الروم إلى حمص فوجدوا أكثر أهلها قد انجلوا عنها وذهبوا فحرقوها وأسروا ممن بقي فيها ومن حولها نحوا من مائة ألف إنسان فإنا لله وإنا إليه راجعون وفي ذي الحجة منها نقل عزالدولة والده معز الدولة بن بويه من داره إلى تربته بمقابر قريش .
ثم دخلت سنة تسع وخمسين وثلثمائة .
في عاشر المحرم منها عملت الرافضة بدعتهم الشنعاء فغلقت الأسواق وتعطلت المعايش ودارت النساء سافرات عن وجوهن ينحن على الحسين بن علي ويلطمن وجوههن والمسوح معلقة في الأسواق والتبن مدرور فيها وفيها دخلت الروم إنطاكية فقتلوا من أهلها الشيوخ والعجائز وسبوا الصبايا والأطفال نحوا من عشرين ألفا فإنا لله وإنا إليه راجعون وذلك كله بتدبير ملك الأرمن نقفور لعنه الله وكل هذا في ذمة ملوك الأرض أهل الرفض الذين قد استحوذوا على البلاد وأظهروا فيها الفساد قبحهم الله قال ابن الجوزي وكان قد تمرد وطغا وكان هذا الخبيث قد تزوج بامرأة الملك الذي كان قبله ولهذا الملك المتقدم ابنان فأراد أن يخصيهما ويجعلهما في الكنيسة لئلا يصلحا بعد ذلك للملك فلما فهمت ذلك أمهما عملت عليه وسلطت عليه الأمراء فقتلوه وهو نائم وملكوا عليهم أكبر ولديها وفي ربيع الأول صرف عن القضاء أبو بكر أحمد بن سيار وأعيد إليه أبو محمد بن معروف قال ابن الجوزي وفيها نقصت دجلة حتى غارت الآبار وحج بالناس الشريف أبو أحمد النقيب وانقض كوكب في ذي الحجة فأضاءت له الأرض حتى بقي له شعاع كالشمس ثم سمع له صوت كالرعد قال ابن الأثير وفي المحرم منها خطب للمعز الفاطمي بدمشق عن أمر جعفر بن فلاح الذي أرسله جوهر القائد بعد أخذه مصر فقاتله أبو محمد الحسن بن عبدالله ابن طغج بالرملة فغلبه ابن فلاح وأسره وأرسله إلى جوهر فأرسله إلى المعز وهو بإفريقية وفيها وقعت المنافرة بين ناصر الدولة بن حمدان وبين ابنه أبي تغلب وسببه أنه لما مات معز الدولة بن بويه عزم أبو تغلب ومن وافقه من أهل بيته على أخذ بغداد فقال لهم أبوهم إن معز الدولة قد ترك لولده عزالدولة أموالا جزيلة فلا تقدرون عليه ما دامت في يده فاصبروا حتى ينفقها فإنه مبذر فإذا أفلس فسيروا إليه فإنكم تغلبونه فحقد عليه ولده أبو تغلب بسبب هذا القول ولم يزل بأبيه