ثم دخلت سنة تسع وستين وثلثمائة .
في المحرم منها توفي الأمير عمر بن شاهين صاحب بلاد البطيحة منذ أربعين سنة تغلب عليها وعجز عنه الأمراء والملوك والخلفاء وبعثوا إليه الجنود والسرايا والجيوش غير مرة فكل ذلك يفلها ويكسرها وكل ما له في تمكن وزيادة وقوة ومكث كذلك هذه المدة ومع هذا كله مات على فراشه حنف أنفه فلا نامت أعين الجبناء وقام بالأمر من بعده ولده الحسن فرام عضد الدولة أن ينتزع الملك من يده فأرسل إليه سرية حافلة من الجنود فكسرهم الحسن بن عمر بن شاهين وكاد أن يتلفهم بالكلية حتى أرسل إليه عضد الدولة فصالحه على مال يحمله إليه في كل سنة وهذا من العجائب الغريبة وفي صفر قبض على الشريف أبي أحمد الحسن بن موسى الموسوي نقيب الطالبيين وقد كان أمير الحج مدة سنين أتهم بأنه يفشي الأسرار وأن عزالدولة أودع عنده عقدا ثمينا ووجدوا كتابا بخطه في إفشاء الأسرار فأنكر أنه خطه وكان مزورا عليه واعترف بالعقد فأخذ منه وعزل عن النقابة وولوا غيره وكان مظلوما وفي هذا الشهر أيضا عزل عضد الدولة قاضي القضاة أبا محمد بن معروف وولى غيره وفي شعبان منها ورد البريد من مصر إلى عضد الدولة بمراسلات كثيرة فرد الجواب بما مضمونه صدق النية وحسن الطوية ثم سأل عضد الدولة من الطائع أن يجدد عليه الخلع والجواهر وأن يزيد في إنشائه تاج الدولة فأجابه إلى ذلك وخلع عليه من أنواع الملابس ما لم يتمكن معه من تقبيل الأرض بين يدي الخليفة وفوض إليه ما وراء بابه من الأمور ومصالح المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وحضر ذلك أعيان الناس وكان يوما مشهودا وأرسل في رمضان إلى الأعراب من بني شيبان وغيرهم فعقرهم وكسرهم وكان أميرهم منبه ابن محمد الأسدي متحصنا بعين التمر مدة نيف وثلاثين سنة فأخذ ديارهم وأموالهم وفي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة تزوج الطائع لله بنت عضد الدولة الكبرى وعقد العقد بحضرة الأعيان على صداق مبلغه مائة ألف دينار وكان وكيل عضد الدولة الشيخ ابا علي الحسين بن أحمد الفارسي النحوي صاحب الايضاح والتكملة وكان الذي خطب خطبة العقد القاضى أبو علي الحسن بن علي التنوخى قال ابن الأثير وفيها جدد عضد الدولة عمارة بغداد ومحاسنها وجدد المساجد والمشاهد وأجرى على الفقهاء الأزراق وعلى الأئمة من الفقهاء والمحدثين والأطباء والحساب وغيرهم وأطلق الصلات لأرباب البيوتات والشرف وألزم أصحاب الاملاك بعمارة بيوتهم ودورهم ومهد الطرقات وأطلق المكوس وأصلح الطريق للحجاج من بغداد إلى مكة وأرسل الصدقات للمجاورين بالحرمين قال وأذن لوزيره نصر بن هارون وكان نصرانيا بعمارة البيع والأديرة وأطلق الأموال لفقرائهم