عن المنكر وحسن وعظه ووقعه في القلوب جاءه يوما رجل بمائة دينار فقال أنا غني عنها قال خذها ففرقها على أصحابك هؤلاء فقال ضعها على الأرض فوضعها ثم قال للجماعة ليأخذ كل واحد منكم حاجته منها فجعلوا يأخذون بقدر حاجاتهم حتى أنقذوها وجاء ولده بعد ذلك فشكى إليه حاجتهم فقال أذهب إلى البقال فخذ على ربع رطل تمر ورآه رجل وقد اشترى دجاجة وحلواء فتعجب من ذلك فاتبعه إلى دار فيها امرأة ولها أيتام فدفعها إليهم وقد كان يدق السعد للعطارين بالأجرة ويقتات منه ولما حضرته الوفاة جعل يقول سيدي لهذه الساعة خبأتك توفي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي الحجة منها وصلى عليه بالجامع المنصوري ودفن بمقبرة الإمام أحمد .
أبو العباس بن واصل .
صاحب سيراف والبصرة وغيرهما كان أولا يخدم بالكرخ وكان منصورا له أنه سيملك كان أصحابه يهزؤن به فيقول أحدهم إذا ملكت فأي شيء تعطيني ويقول الآخر ولني ويقول الآخر استخدمني ويقول الآخر اخلع علي فقدر له أنه تقلبت به الأحوال حتى ملك سيراف والبصرة وأخذ بلاد البطيحة من مهذب الدولة وأخرجه منها طريدا بحيث إنه احتاج في أثناء الطريق إلى أن ركب بقرة واستحوذ ابن واصل على ما هناك وقصد الأهواز وهزم بهاء الدولة ثم ظفر به بهاء الدولة فقتله في شعبان منها وطيف برأسه في البلاد .
ثم دخلت سنة ثمان وتسعين وثلثمائة .
فيها غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند ففتح حصونا كثيرة وأخذ أموالا جزيلة وجواهر نفيسة وكان في جملة ما وجد بيت طوله ثلاثون ذراعا وعرضه خمسة عشر ذراعا مملوء فضة ولما رجع إلى غزنة بسط هذه الأموال كلها في صحن داره وأذن لرسل الملك فدخلوا عليه فرأوا ما بهرهم وهالهم وفي يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الآخر وقع ببغداد ثلج عظيم بحيث بقي على وجه الأرض ذراعا ونصفا ومكث أسبوعا لم يذب وبلغ سقوطه إلى تكريت والكوفة وعبادان والنهروان وفي هذا الشهر كثرت العملات جهرة وجفية حتى من المساجد والمشاهد ثم ظفر أصحاب الشرطة بكثير منهم فقطعوا أيديهم وكحلوهم .
قصة مصحف ابن مسعود وتحريقه .
على فتيا الشيخ أبي حامد الاسفراييني فيما ذكره ابن الجوزي في منتظمة وفي عاشر رجب جرت فتنة بين السنة والرافضة سببها أن بعض الهاشميين قصد أبا عبدالله محمد بن النعمان المعروف بابن المعلم وكان فقيه الشيعة في مسجده بدرب رباح فعرض له بالسب فثار أصحابه له واستنفر أصحاب الكرخ وصاروا إلى دار القاضي أبي محمد الأكفاني والشيخ أبي حامد الاسفراييني