قال وله أشعار رائقة فمنها قوله ... ونائمة قبلتها فتنبهت ... فقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحد ... فقلت لها إني فديتك غاصب ... وما حكموا في غاصب بسوى الرد ... خذيها وكفي عن أثيم طلابة ... وإن أنت لم ترضي فالفا على العد ... فقالت قصاص يشهد العقل أنه ... على كبد الجاني ألذ من الشهد ... فباتت يمينيي وهي هميان خصرها ... وباتت يساري وهي واسطة العقد ... فقالت ألم تخبر بأنك زاهد ... فقلت بلى ما زات أزهد في الزهد ... ومما أنشده ابن خلكان للقاضي عبدالوهاب ... بغداد دار لأهل المال طيبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق ... ظللت حيران أمشي في أزقتها ... كأنني مصحف بيت زنديق ... .
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة .
في سادس المحرم منها استسقى أهل بغداد لتأخر المطر عن أوانه فلم يسقوا وكثر الموت في الناس ولما كان يوم عاشوراء عملت الروافض بدعتهم وكثر النوح والبكاء وامتلأت بذلك الطرقات والأسواق وفي صفر منها أمر الناس بالخروج إلا الإستسقاء فلم يخرج من أهل بغداد مع اتساعها وكثرة أهلها مائة واحد وفيها وقع بين الجيش وبين جلال الدولة فاتفق على خروجه إلى البصرة منفيا ورد كثيرا من جواريه واستبقى بعضهن معه وخرج من بغداد ليلة الإثنين سادس ربيع الأول منها وكتب الغلمان الاسفهلارية إلى الملك أبي كاليجار ليقدم عليهم فلما قدم تمهدت البلاد ولم يبق أحد من أهل العناد والإلحاد ونهبوا دار جلال الدولة وغيرها وتأخر مجيء أبي كاليجار وذلك أن وزيره أشار عليه بعدم القدوم إلى بغداد فأطاعه في ذلك فكثر العيارون وتفاقم الحال وفسد البلد وافتقر جلال الدولة بحيث أن احتاج إلى أن باع بعض ثيابه في الأسواق وجعل أبو كاليجار يتوهم من الأتراك ويطلب منهم رهائن فلم يتفق ذلك وطال الفصل فرجعوا إلى مكاتبة جلال الدولة وأن يرجع إلى بلده وشرعوا يعتذرون إليه وخطبوا له في البلد على عادته وأرسل الخليفة الرسل إلى الملك كاليجار وكان فيمن بعث إليه القاضي أبو الحسن الماوردي فسلم عليه مستوحشا منه وقد تحمل أمرا عظيما فسأل من القضاة أن يلقب بالسلطان الأعظم مالك الأمم قال الماوردي هذا مالا سبيل إليه لأن السلطان المعظم هو الخليفة وكذلك مالك الأمم ثم اتفقوا على تلقيبه بملك الدولة فأرسل مع الماوردي تحفا عظيمة منها ألف ألف دينار سابورية وغير ذلك من الدراهم آلاف مؤلفة والتحف والألطاف واجتمع الجند على