الشيخ عبد القادر الجيلي .
ابن أبي صالح أبو محمد الجيلي ولد سنة سبعين وأربعمائة ودخل بغداد فسمع الحديث وتفقه على أبي سعيد المخرمي الحنبلي وقد كان بنى مدرسة ففوضها إلى الشيخ عبد القادر فكان يتكلم على الناس بها ويعظهم وانتفع به الناس انتفاعا كثيرا وكان له سمت حسن وصمت غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان فيه تزهد كثير وله أحوال صالحة ومكاشفات ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات ويذكرون عنه اقوالا وأفعالا ومكاشفات اكثرها مغالاة وقد كان صالحا ورعا وقد صنف كتاب الغنية وفتوح الغيب وفيهما اشياء حسنة وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة وبالجملة كان من سادات المشايخ [ توفي ] وله تسعون سنة ودفن بالمدرسة التي كانت له .
ثم دخلت سنة ثنتين وستين وخمسمائة .
فيها اقبلت الفرنج في جحافل كثيرة إلى الديار المصرية وساعدهم المصريون فتصرفوا في بعض البلاد فبلغ ذلك أسد الدين شيركوه فاستأذن الملك نور الدين في العود إليها وكان كثير الحنق على الوزير شاور فأذن له فسار إليها في ربيع الآخر ومعه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب وقد وقع في النفوس أنه سيملك الديار المصرية وفي ذلك يقول عرقلة المسمى بحسان الشاعر ... والأتراك قد أزمعت ... مصر إلى حرب الأعاريب ... رب كما ملكها يوسف ... الصدي من أولاد يعقوب فملكها في عصرنا يوسف ... الصادق من أولاد أيوب ... من لم يزل ضراب هام العدا ... حقا وضراب العراقيب ... .
ولما بلغ الوزير شاور قدوم أسد الدين والجيش معه بعث إلى الفرنج فجاؤا من كل فج إليه وبلغ أسد الدين ذلك من شأنهم وإنما معه ألفا فارس فاستشار من معه من الأمراء فكلهم أشار عليه بالرجوع إلى نور الدين لكثيرة الفرنج إلا اميرا واحدا يقال له شرف الدين برغش فأنه قال من خلف القتل والأسر فليقعد في بيته عند زوجته ومن أكل أموال الناس فلا يسلم بلادهم إلى العدو وقال مثل ذلك ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب فعزم الله لهم فساروا نحو الفرنج فاقتتلوا هم وإياهم قتالا عظيما فقتلوا من الفرنج مقتلة عظيمة وهزموهم ثم قتلوا منهم خلقا لا يعلمهم إلا الله D ولله الحمد .
فتح الأسكندرية على يدي أسد الدين شيركوه ثم أشار أسد الدين بالمسير [ إلى إلاسكندرية ] فملكها وجبني أموالها واستناب عليها ابن أخيه صلاح الدين يوسف وعاد إلى الصعيد فملكه وجمع منه أموالا جزيلة جدا ثم إن الفرنج