وشجاعته ولما ولي الأفضل عزله عن القدس فترك بلاد الشام وانتقل إلى الموصل فمات بها في هذه السنة .
ثم دخلت سنة خمس وتسعين وخمسمائة .
فيها كانت وفاة العزيز صاحب مصر .
وذلك أنه خرج إلى الصيد فكانت ليلة الأحد العشرين من المحرم ساق خلف ذئب فكبابه فرسه فسقط عنه فمات بعد أيام ودفن بداره ثم حول إلى عند تربة الشافعي وله سبع أو ثمان وعشرون سنة ويقال إنه كان قد عزم في هذه السنة على إخراج الحنابلة من بلده ويكتب إلى بقية إخوته باخراجهم من البلاد وشاع ذلك عنه وذاع وسمع ذلك منه وصرح به وكل ذلك من معلميه وخلطائه وعشرائه من الجهمية وقلة علمه بالحديث فلما وقع منه هذا ونوى هذه النية القبيحة الفاسدة أهلكه الله ودمره سريعا وعظم قدر الحنابلة بين الخلق بمصر والشام عند الخاص والعام وقيل إن بعض صالحيهم دعا عليه فما هو إلا أن خرج إلى الصيد فكان هلاكه سريعا وكتب الفاضل كتاب التعزية بالعزيز لعمه العادل وهو محاصر ماردين ومعه العساكر وولده محمد الكامل وهو نائبه على بلاد الجزيرة المقاربة لبلاد الحيرة وصورة الكتاب أدام الله سلطان مولانا الملك العادل وبارك في عمره واعلا امره بامره وأعز نصر الاسلام بنصره وفدت الأنفس نفسه الكريمة وأصغر الله العظائم بنعمه فيه العظيمة وأحياه الله حياة طيبة هو والاسلام في مواقيت الفتوح الجسيمة وينقلب عنها بالأمور المسلمة والعواقب السليمة ولا نقص له رجالا ولا أعدمه نفسا ولا ولدا ولا قصر له ذيلا ولا يدا ولا أسخن له عينا ولا كبدا ولا كدر له خاطرا ولا موردا ولما قدر الله ما قدر من موت الملك العزيز كانت حياته مكدرة عليه منغصة مهملة فلما حضر أجله كانت بديهة المصاب عظيمة وطالعة المكروه اليمة وإذا محاسن الوجه بليت تعفى الثرى عن وجهه الحسن وكانت مدة مرضه بعد عوده من الفيوم اسبوعين وكانت في الساعة السابعة من ليلة الاحد والعشرين من المحرم والمملوك في حال تسطيرها مجموع بين مرض القلب والجسد ووجع أطراف وعلة كبد وقد فجع بهذا المولى والعهد بوالده غير بعيد والأسى عليه في كل يوم جديد ولما توفي العزيز خلف من الولد عشرة ذكور فعمد أمراؤه فملكوا عليهم ولده محمدا ولقبوه بالمنصور وجمهور الأمراء في الباطن مائلون إلى تمليك العادل ولكنهم يستبعدون مكانه فأرسلوا إلى الأفضل وهو بصرخد فأحضروه على البريد سريعا فلما حضر عندهم منع رفدهم ووجدوا الكلمة مختلفة عليه ولم يتم له ما صار اليه وخامر عليه اكابر الامراء الناصرية وخرجوا من مصر فأقاموا ببيت المقدس وأرسلوا يستحثون الجيوش العادلية فاقر ابن أخيه على السلطنة ونوه باسمه على السكة والخطبة في سائر بلاد مصر لكن استفاد الافضل في سفرته هذه ان اخذ جيشا كثيفا من المصريين وأقبل بهم ليسترد