كثير وأخربت محال كثيرة من طرابلس وصور وعكا ونابلس ولم يبق بنابلس سوى حارة السامرة ومات بها وبقراها ثلاثون ألفا تحت الردم وسقط طائفة كثيرة من المنارة الشرقية بدمق بجامعها وأربع عشرة شرافة منه وغالب الكلاسة والمارستان النوري وخرج الناس إلى الميادين يستغيثون وسقط غالب قلعة بعلبك مع وثاقه بنياتها وانفرق البحر إلى قبرص وقد حذف بالمراكب منه إلى ساحله وتعدى إلى ناحية الشرق فسقط بسبب ذلك دور كثيرة ومات أمم لا يحصون ولا يعدون حتى قال صاحب مرآة الزمان إنه مات في هذه السنة بسبب الزلزلة نحو ألف ألف ومائة ألف إنسان قتلا تحتها وقيل إن احدا لم يحص من مات فيها والله سبحانه اعلم وفيها توفي من الاعيان .
عبدا لرحمن بن علي .
ابن محمد بن علي بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي نسبة إلى فرضة نهر البصرة ابن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبدا لرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الشيخ الحافظ الواعظ جمال الدين أبو الفرج المشهور بابن الجوزي القرشي التيمي البغدادي الحنبلي أحد أفراد العلماء برز في علوم كثيرة وانفرد بها عن غيره وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف وكتب بيده نحوا من مائتي مجلدة وتفرد بفن الوعظ الذي لم يسبق إليه ولا يلحق شأوه فيه وفي طريقته وشكله وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه ونفوذ وعظه وغوصه على المعاني البديعة وتقريبه الأشياء الغريبة فيما يشاهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والادراك بحيث يجمع المعاني الكثيرة في الكلمة اليسيرة هذا وله في العلوم كلها اليد الطولى والمشاركات في سائر أنواعها من التفسير والحديث والتاريخ والحساب والنظر في النجوم والطب والفقه وغير ذلك من اللغة والنحو وله من المصنفات في ذلك ما يضيق هذا المكان عن تعدادها وحصر أفرادها منها كتابه في التفسير المشهور بزاد المسير وله تفسير أبسط منه ولكنه ليس بمشهور وله جامع المسانيد استوعب به غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي وله كتاب المنتظم في تواريخ الأمم من العرب والعجم في عشرين مجلدا قد أوردنا في كتابنا هذا كثيرا منه من حوادثه وتراجمه ولم يزل يؤرخ أخبار العالم حتى صار تاريخا وما احقه بقول الشاعر ... ما زلت تدأب في التاريخ مجتهدا ... حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا ... .
وله مقامات وخطب وله الاحاديث الموضوعة وله العلل المتناهية في الاحاديث الواهية وغير ذلك ولد سنة عشر وخمسمائة ومات أبوه وعمره ثلاث سنين وكان أهله تجارا في النحاس فلما ترعرع جاءت به عمته إلى مسجد محمد بن ناصر الحافظ فلزم الشيخ وقرا عليه وسمع عليه