بعد أبيه الناصر كما سيأتي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة .
وفيها وقع حريق عظيم بدار الخلافة في خزائن السلاح فاحترق من ذلك شيء كثير من السلاح والمتعة والمساكن ما يقارب قيمته أربعة آلاف ألف دينار وشاع خبر هذا الحريق في الناس فأرسلت الملوك من سائر الاقطار هدايا أسلحة إلى الخليفة عوضا عن ذلك وفوقه من ذلك شيئا كثيرا .
وفيها عاثت الكرج ببلاد المسلمين فقتلوا خلقا وأسروا آخرين وفيها وقعت الحرب بين امير مكة قتادة الحسيني وبين أمير المدينة سالم بن قاسم الحسيني وكان قتادة قد قصد المدينة فحصر سالما فيها فركب إليه سالم بعد ما صلى عندا لحجرة فاستنصر الله عليه ثم برز إليه فكسره وساق وراءه إلى مكة فحصره بها ثم إن قتادة أرسل إلى أمراء سالم فافسدهم عليه فكر سالم راجعا إلى المدينة سالما .
وفيها ملك غياث الدين كبيحسرو بن قلج ارسلان بن مسعود بن قلج بلاد الروم واستلبها من ابن اخيه واستقر هو بها وعظم شأنه وقويت شوكته وكثرت عساكره واطاعه الأمراء وأصحاب الأطراف وخطب له الأفضل بن صلاح الدين بسميساط وسار إلى خدمته واتفق في هذه السنة أن رجلا ببغداد نزل إلى دجلة يسبح فيها واعطى ثيابه لغلامه فغرف في الماء فوجد في ورقة بعمامته هذه الابيات ... يا ايها الناس كان لي أمل ... قصر بي عن بلوغه الأجل ... فليتق الله ربه رجل ... امكنه في حياته العمل ... ما انا وحدي بفناء بيت ... يرى كل إلى مثله سينتقل ... .
وفيها توفي من الاعيان .
أبو الحسن علي بن عنتر بن ثابت الحلي .
المعروف بشميم كان شيخا اديبا لغويا شاعرا جمع من شعره حماسة كان يفضلها على حماسة أبي تمام وله خمريات يزعم أنها أفحل من التي لأبي نواس قال أبو شامة في الذيل كان قليل الدين ذا حماقة ورقاعة وخلاعة وله حماسة ورسائل قال ابن الساعي قدم بغداد فأخذ النحو عن ابن الخشاب حصل منه طرفا صالحا ومن اللغة وأشعار العرب ثم أقام بالموصل حتى توفي بها ومن شعره ... لا تسرحن الطرف في مقل المها ... فمصارع الاجال في الآمال ... كم نظرة اردت وما أخرت ... وكم يد قبلت أوان قتال ... سنحت وما سمحت بتسليمة ... وأغلال التحية فعلة المحتال ... .
وله في التجنيس ... ليت من طول بالش ... م أم ثواه وثوابه ... جعل العود إلى الزو ... راء من بعض ثوابه