الملك السعيد بن الملك الظاهر .
بركة خان ناصر الدين محمد بن بركة خان أبو المعالي ابن السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري بايع له أبوه الأمراء في حياته فلما توفي أبوه بويع له بالملك وله تسع عشرة سنة ومشيت له الامور في أول الأمر على السعادة ثم انه غلبت عليه الخاصكية فجعل يعلب معهم في الميدان الاخضر فيما قيل أول هوى فربما جاءت النوبة عليه فينزل لهم فأنكرت الامراء الكبار ذلك وأنفوا أن يكون ملكهم يلعب مع الغلمان ويجعل نفسه كأحدهم فراسلوه في ذلك ليرجع عما هو عليه فلم يقبل فخلعوه كما ذكرنا وولوا السلطان الملك المنصور قلاوون في أواخر رجب كما تقدم ثم كانت وفاته في هذه السنة بالكرك في يوم الجمعة الحادي عشر من ذي القعدة يقال إنه سم فالله أعلم وقد دفن اولا عند قبر جعفر وأصحابه الذين قتلوا بموته ثم نقل إلى دمشق فدفن في تربة أبيه سنة ثمانين وستمائة وتملك الكرك بعده اخوه نجم الدين خضر وتلقب بالملك المسعود فانتزعها المنصور من يده كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
ثم دخلت سنة تسع وسبعين وستمائة .
كان أولها يوم الخميس ثالث ايار والخليفة الحاكم بامر الله وملك مصر الملك المنصور قلاوون الصالحي وبعض بلاد الشام أيضا وأما دمشق وأعمالها فقد ملكها سنقر الأشقر وصاحب الكرك الملك المسعود بن الظاهر وصاحب حماة الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين محمود والعراق وبلاد الجزيرة وخراسان والموصل وإربل وأذربيجان وبلاد بكر وخلاط وما والاها وغير ذلك من البلاد بأيدي التتار وكذلك بلاد الروم في أيديهم أيضا ولكن فيها غياث الدين بن ركن الدين ولا حكم له سوى الاسم وصاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر وصاحب الحرم الشريف نجم الدين بن أبي تمي الحسني وصاحب المدينة عز الدين جماز بن شيحه الحسيني .
ففي مستهل السنة المذكورة ركب السلطان الملك الكامل سنقر الاشقر من القلعة إلى الميدان وبين يديه الامراء ومقدموا الحلقة الفاشية وعليهم الخلع والقضاة والاعيان ركاب معه فسير في الميدان ساعة ثم رجع إلى القلعة وجاء إلى خدمته الامير شرف الدين عيسى بن مهنا ملك العرب فقبل الارض بين يديه وجلس إلى جانبه وهو على السماط وقام له الكامل وكذلك جاء إلى خدمته ملك الاعراب بالحجاز وأمر الكامل سنقر أن تضاف البلاد الحلبية إلى ولاية القاضي شمس الدين بن خلكان وولاه تدريس الامينية وانتزعها من ابن سني الدولة .
ولما بلغ الملك المنصور بالديار المصرية ما كان من أمر سنقر الاشقر بالشام أرسل إليه جيشا كثيفا فهزموا عسكر سنقر الاشقر الذي كان قد أرسله إلى غزة وساقوهم بين أيديهم حتى وصل جيش