إلى الملك الكمل سنقر الاشقر يطلبه إليه نجدة فجاء إلى خدمته فأكرمه السلطان واحترمه ورتب له الاقامات وتكاملت الجيوش كلها في صحبة الملك المنصور عازمين على لقاء العدو لا محالة مخلصين في ذلك واجتمع الناس بعد خروج الملك في جامع دمشق ووضعوا المصحف العثماني بين أيديهم وجعلوا يبتهلون إلى الله تعالى في نصرة الاسلام وأهله على الاعداء وخرجوا كذلك والمصحف على رؤسهم إلى المصلي يدعون ويبتهلون ويبكون وأقبلت التتار قليلا قليلا فلما وصلوا حماة أحرقوا بستان الملك وقصره وما هنالك من المساكن والسلطان المصنور مخيم بحمص في عساكر من الاتراك والتركمان وغيرهم جحفل كثير جدا وأقبلت التتار في مائة ألف مقاتل أو يزيدون فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقعة حمص .
لما كان يوم الخميس رابع عشر رجب التقى الجمعان وتواجه الخصمان عند طلوع الشمس وعسكر التتر في مائة ألف فارس وعسكر المسلمين على النصف من ذلك أو يزيد قليلا والجميع فيما بين مشهد خالد بن الوليد إلى الرستن فاقتتلوا قتالا عظيما لم ير مثله من أعصار متطاولة فاستظهر التتار أول النهار وكسروا الميسرة واضطربت الميمنة أيضا وبالله المستعان وكسر جناح القلب الايسر وثبت السلطان ثباتا عظيما جدا في جماعة قليلة وقد انهزم كثير من عسكر المسلمين والتتار في آثارهم حتى وصلوا وراءهم إلى بحيرة حمص ووصلوا حمص وهي مغلقة الابواب فقتلوا خلقا من العامة وغيرهم واشرف المسلمون على خطة عظيمة من الهلاك ثم إن أعيان الامراء من الشجعان والفرسان تآمروا فيما بينهم مثل سنقر الاشقر وبيسرى وطيبرس الوزيري وبدر الدين أمير سلاح وايتمش السعدي وحسام الدين لاجين وحسام الدين طرنطاي والدوايداري وأمثالهم لما رأوا ثبات السلطان ردوا إلى السلطان وحملوا حملات متعددة صادقة ولم يزالوا يتابعون الحملة بعد الحملة حتى كسر الله بحوله وقوته التتر وجرح منكوتمر وجاءهم الامير عيسى بن مهنا من ناحية العرض فصدم التتر فاضربت الجيوش لصدمته وتمت الهزيمة ولله الحمد وقتلوا من التتار مقتلة عظيمة جدا ورجعت من التتار الذين اتبعوا المنهزمين من المسلمين فوجدوا أصحابهم قد كسروا والعساكر في آثارهم يقتلون وياسرون والسلطان ثابت في مكانه تحت السناجق والكوسات تضرب خلفه وما معه إلا ألف فارس فطمعوا فيه فقاتلوه فثبت لهم ثباتا عظيما فانهزموا من بين يديه فلحقهم فقتل أكثرهم وكان ذلك تمام النصر وكان انهزام التتار قبل الغروب وافترقوا فرقتين اخذت فرقة منهم إلى ناحية سلمية والبرية والاخرى إلى ناحية حلب والفرات فأرسل السلطان في آثارهم من يتبعهم وجاءت البطاقة بالبشارة بما وقع من النصر إلى دمشق يوم الجمعة خامس عشر رجب فدقت البشائر وزينت