سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس حين لقي من الركبان تخوفا على أموال الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة قال ابن اسحاق فحدثني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قالا وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم إلى مكة بثلاث ليال رؤيا افزعتها فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم علي ما أحدثك قال لها وما رأيت قالت رأيت راكبا أقبل على بعير له حتى وقف بالابطح ثم صرخ باعلا صوته ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا اليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها إلا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبى قبيس فصرخ بمثلها ثم أخذ صخره فارسلها فاقبلت تهوي حتى اذا كانت باسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة قال العباس والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها لا تذكريها لاحد ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لابنه عتبة ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش قال العباس فغدوت لأطوف بالبيت وأبو جهل ابن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة فلما رآني أبو جهل قال يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فاقبل الينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال أبو جهل يا بني عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه البينة قال قلت وما ذاك قال تلك الرؤيا التي رأت عاتكة قال قلت وما رأت قال يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فان يك حقا ما تقول فسيكون وإن تمصضالثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب قال العباس فوالله ما كان مني اليه كبير شيء إلا أني جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا قال ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك غيرة لشيء مما سمعت قال قلت قد والله فعلت ما كان مني اليه من كبير وايم الله لأتعرضن له فاذا عاد