طبقات المفسرين .
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري الإمام أبو جعفر رأس المفسرين على الإطلاق أحد الائمة جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره فكان حافظا لكتاب الله بصيرا بالمعاني فقيها في أحكام القرآن عالما بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها ناسخها ومنسوخها عالما بأحوال الصحابة والتابعين بصيرا بأيام الناس وأخبارهم .
أصله من آمل طبرستان طوف الاقاليم وسمع من أحمد بن منيع و أبي كريب و هناد بن السرى و يونس بن عبد الأعلى وخلائق .
روى عنه الطبراني و أحمد بن كامل وطائفة وله التصانيف العظيمة منها تفسير القرآن وهو أجل التفاسير .
لم يؤلف مثله كما ذكره العلماء قاطبة منهم النووي في تهذيبه وذلك لأنه جمع فيه بين الرواية والدراية ولم يشاركه في ذلك أحد لا قبله ولا بعده ومنها تهذيب الآثار قال الخطيب : لم أر مثله في معناه ومنها تاريخ الأمم وكتاب إختلاف العلماء و كتاب القراءات و كتاب أحكام شرائع الاسلام وهو مذهبه الذي إختاره وجوده وإحتج له وكان أولا شافعيا ثم إنفرد بمذهب مستقل وأقاويل وإختيارات وله أتباع ومقلدون وله في الأصول والفروع كتب كثيرة .
ويقال إن المكتفي أراد أن يوقف وقفا تجتمع أقاويل العلماء على صحته ويسلم من الخلاف فأجمع علماء عصره على أنه لا يقدر على ذلك إلا إبن جرير فأحضر فأملى عليهم كتابا لذلك فأخرجت له جائزة سنية فأبى أن يقبلها .
قال الشيخ أبو حامد الإسفرايني شيخ الشافعية : لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا .
قلت قد من الله على بإدامة مطالعته والاستفادة منه وأرجو أن أصرف العناية إلى إختصاره وتهذيبه ليسهل على كل أحد تناوله إن شاء الله تعالى .
وقال إبن خزيمة : ما أعلم على أديم الارض أعلم من ابن جرير .
وقال غيره : مكث ابن جرير أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة .
وقال أبو محمد الفرغاني : كان ابن جرير ممن لا تأخذه في الله لومة لائم مع عظيم ما يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد فأما أهل العلم والدين فغير منكرين علمه وزهده في الدنيا ورفضه لها وقناعته باليسير وعرض عليه القضاء فأبى .
مولده بآمل سنة أربع وعشرين ومائتين ومات عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة .
واجتمع في جنازته خلق لا يحصون وصلي على قبره عدة شهور ورثاه خلق .
فمن ذلك قول أبي سعيد بن الأعرابي : .
( حدث مفظع وخطب جليل ... دق عن مثله إصطبار الصبور ) .
( قام ناعي العلوم أجمع لما ... قام ناعي محمد بن جرير )