( فائدة ) ورأيت الفضلاء قد كتبوا بعض الشهور بشهر كذا وبعضها لم يذكروا معه شهراً وطلبت الخاصة في ذلك فلم أجدهم أتوا بشهر إلا مع شهر يكون أوله حرف راء مثل شهري ربيع وشهري رجب ورمضان ولم أدر العلة في ذلك ما هي ولا وجه المناسبة لأنه كان ينبغي أن يحذف لفظ شهر من هذه المواضع لأنه يجتمع في ذلك رآن وهم قد فروا من ذلك وكتبوا داود وناوس وطاوس بواو واحدة كراهية الجمع بين المثلين . وجرت العادة بأن يقولوا في شهر المرحم شهر الله وفي شهر رجب شهر رجب الفرد أو الأصم أو الصب وفي شعبان شعبان المكرم وفي رمضان رمضان المعظم وفي شوال شوال المبارك ويورخوا أول شوال بعيد الفطر وثامن ذي الحجة بيوم التروية وتاسعه بيوم عرفة وعاشره بعيد النحر وتاسع المحرم بيوم تاسوعاء وعاشره بيوم عاشوراء فلا يحتاجون أن يذكروا الشهر ولكن لا بد من ذكر السنة . قد يجيء في بعض المواضع نيف وبضع مثل قولهم نيف وعشرين وهو بتشديد الياء ومن قال نيف بسكونها فذلك لحن وهذا اللفظ مشتق من أناف على الشيء إذا أشرف عليه فكأنه لما زاد على العشرين كان بمثابة المشرف عليها ومنه قول الشاعر : .
حللت برابية رِأسها ... على كل رابية نيف .
واختلف في مقداره فذكر أبو زيد أنه ما بين العقدين وقال غيره هو الواحد إلى الثلاثة ولعل هذا الأقرب إلى الصحيح . وقولهم بضع عشرة سنة البضع أكثر ما يستعمل فيما بين الثلاث إلى العشر وقيل بل هو ما دون نصف العقد وقد آثروا القول الأول إلى النبي A في تفسير قوله تعالى وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين وذلك أن المسلمين كانوا يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب وكان المشركون يميلون إلى أهل فارس لنهم أهل أوثان فلما بشر الله تعالى المسلمين بأن الروم سيغلبون في بضع سنين سر المسلمون بذلك ثم أن أبا بكر بادر إلى مشركي قريش فأخبرهم بما نزل عليهم فقه فقال له أبي بن خلف خاطرني على ذلك فخاطره على خمس قلائص وقدر له مدة الثلاث سنين ثم أتى النبي A فسأله كم البضع فقال ما بين الثلاثة إلى العشرة فأخبره بما خاطر به أبي بن خلف فقال ما حملك على تقريب المدة فقال الثقة بالله ورسوله فقال له النبي A عد إليهم فزدهم في الخطر وازدد في الأجل فزادهم قلوصين وازداد منهم في الأجل سنتين فاظفر الله تعالى الروم بفارس قبل انقضاء الأجل الثاني تصديقاً لتقدير أبي بكر Bه وكان أبي قد مات من جرح رسول الله A فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي فقال له النبي A تصدق به وكانت المخاطرة بينهما قبل تحريم القمار وقيل الذي خاطر أبا بكر إنما هو أبو سفيان والأول أصح .
الفصل الرابع .
النسب مما يضطر إليه المورخ