وقد خيّمت كي يستريح ركابها ... فلا فلكٌ جارٍ ولا كوكبٌ سار .
سعد الأمة الكاتب .
أحمد بن محمد بن أيوب بن سليمان أبو الحسين ابن الوزير أبي طالب من أهل باب المراتب كان يعرف بسعد الأمة . كان منشئاً فاضلاً كاتباً سديداً مليح الخط عزيز الفضل ولما دخل عميد الملك الكندري بغداذ سأل عمن بها من أولاد الأكابر لينادمه فأحضر له أخوا سعد الأمة فآثرهما كثيراً وكان سعد الأمة فقيراً فقال لأخويه : لو أوصلتماني إلى هذا الوزير لنظر في حالي فامتنعا فكتب رقعة بخطه في كاغدٍ حسنٍ وأوصلها إلى الوزير فلما قرأ عنوانها ابن أيوب قال : من تكون من صاحبيّ ؟ فقال : أخوهما فهجرهما الوزير وأقبل على سعد الأمة وخلع عليه كل ما كان عليه بمركوبه واستكتبه في الإنشاء بالعربية ثم سافر معه وفوض إليه ما فيه المنافع إلى أن أثرت حاله وكثر كراعه فقال له ليلة : إن هذا السلطان قد تغير علي فارحل عني غداً وأظهر فراقي وكراهيتي ثم أقم أياماً وارحل إلى بغداذ سالماً بل لي إليك حاجة هي هذا الملصق توصله إلى أخي دبيس بالحلة المزيدية وكان بينهما مؤاخاة . فلما فعل ذلك وشاع الخبر بما جرى من فراق سعد الأمة للوزير قصد بغداذ فبلغه الخبر في الطريق بالقبض على الوزير وصار إلى دبيس وأوصله الملصق فلما رآه بكى وعانقه وقال : يعز علي يا أخي فراقك لأخي فلما فض الملصق إذا هو مكتوب إن كل أحد يحفظ عهد الحي وإنما الأحسن أن يحفظ عهد الميت بعده في مخلفيه وخلفي موصل هذه الرقعة فمهما فعلته في حقه فهو في حقي فلما قرأها دبيس اشتد بكاؤه وقال : هل عرفت ما في الكتاب ؟ فقال : لا فأقرأه إياه ثم سأله عما كان له عليه من جراية ومعيشة وغير ذلك فأضعفه له وأقام عنده إلى أن مات وتوفي سنة سبعين وأربع مائة .
صاحب الخط المليح .
أحمد بن محمد بن أسد بن علي بن سعيد أبو الحسن بن أبي الحسن الكاتب البغداذي صاحب الخط المليح وكان أبوه أيضاً يكتب خطاً مليحاً . ذكره الخطيب في " تاريخه " وروى عنه حديثاً . وتوفي أبو الحسين سنة ثلاثين وأربع مائة .
؟ ؟ قاضي الأنبار .
أحمد بن محمد بن البراء أبو العباس قاضي الأنبار ثم قاضي مدينة المنصور وربع باب الشام كان يلبس السواد ولم يكن ذا فقه ورأي بل كان سليماً تعتريه غفلة وكان يلبس السواد الفتوجية حتى لا يميز بين أكماكه وأكما النساء لسعة ذلك وإذا برز من عنده بعض حرمه لبسوا ذلك السواد . اجتاز يوماً بسوق الطير وهو بسواده والقمطر بين يديه والمسودة من أصحاب الشرط والرجالة فرأى صياداً معه صعوة فقال : هذه والله شهوة ولدي محمد وما أزول إلا به فوقف والناس بين يديه وأخرج خرقة من خفه وفتح طرفها وأخرج دانقاً فناوله الصياد وتناول الصعوة فقالوا له : تحتاج إلى قفص فقام والخلق حضور فتناول دنيته عن رأسه ووضع الصعوة على هامته ثم أطبق الدنية وسار إلى منزله والناس يتضاحكون منه فلما رأى ابنه قال : خذ يا بني وتطأطأ ليأخذها فطارت الصعوة فقال : يا بني كانت في حرز ولكنك لم تحسن تناولها ثم أخذ يقول : واحسرتا على فوت منية ولدي العود أحمد غداً مجلس الحكم نظفر إن شاء الله بالصياد وبالصعوة وكرره مراراً .
؟ أبو الحسين ابن ثابت البغداذي .
أحمد بن محمد بن ثابت أبو الحسين البغداذي ذكره الثعالبي في " اليتيمة " وله شعر كثير النكت والملح من ذلك قوله : .
هي حالان : شدةٌ ورخاء ... وسجالان : نعمةٌ وبلاء .
والفتى الحازم اللبيب إذا ما ... خانه الدهر لم يخنه العزاء .
إن ألمت ملمةٌ بي فإني ... في الملمات صخرةٌ صماء .
صابرٌ في البلاء طبٌّ بأن لي ... س على أهله يدوم البلاء .
والتداني يتلو التنائي والإق ... تار يرجى من بعده الإثراء .
وأخو المال ما له منه في دن ... ياه إلا مذمّةٌ أو ثناء .
وإذا ما الرجاء أسقط بين ال ... ناس فالناس كلهم أكفاء .
وقوله : .
كل من لم يعدك في حالة السق ... م تمنى لك الردى والهلاكا .
حذراً أن يراك يوماً صحيحاً ... في طريقٍ فيسحتي أن يراكا