وخبرت أنها لا الحزن خامرها ... بل فرحة النفس أبكاها تناهيها .
وأنها قدمت في حيث غرّته ... تهدي سناها فزادت في تلاليها .
وخرج إلى المديح .
ومنه قوله : .
تقول للبدر في الظلماء طلعته ... بأيّ وجهٍ إذا أقبلت تلقاني .
وجه السما لي مرآةٌ أطالعها ... والبدر وهناً خيالاً فيه لاقاني .
لم أنسه يوم أبكاني وأضحكه ... وقوفنا حيث أرعاه ويرعاني .
كلٌّ رأى نفسه في عين صاحبه ... فالحسن أضحكه والحزن أبكاني .
ومنه : .
تمتعتما يا ناظريّ بنظرةٍ ... وأوردتما قلبي أشرّ الموارد .
أعينيّ كفّا عن فؤادي فإنه ... من البغي سعي اثنين في قتل واحد .
ومنه : .
اقرن برأيك رأي غيرك واستشر ... فالحقّ لا يخفى على اثنين .
فالمرء مرآةٌ تريه وجهه ... ويرى قفاه بجمع مرآتين .
ومنه : .
شاور سواك إذا نابتك نائبةٌ ... يوماً وإن كنت من أهل المشورات .
فالعين تلقى كفاحاً ما نأى ودنا ... ولا ترى نفسها إلا بمرآة .
وعلى الجملة فمعانيه كثرة ومحاسنه جمة وجيده جزيل وديوانه كبير . ويقال إنه كان له كل يوم ثمانية أبيات ينظمها على الدوام . وتوفي بتستر سنة أربع وأربعين وخمس مائة ومولده سنة ستين وأربع مائة .
؟ ؟ أبو محمد الجريري .
أحمد بن محمد بن الحسين أبو محمد الجريري بالجيم والراءين كذا وجدته سمع شيئاً من السري . كان الجنيد يكرمه ويبجله وإذا تكلم الجنيد في الحقائق قال : هذا من بابة أبي محمد الجريري . توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة وقيل سنة إحدى عشرة .
؟ الحافظ ابن الشرقي .
أحمد بن محمد بن حسن الحافظ أبو حامد بن الشرقي بالشين المعجمة وسكون الراء كذا وجدته النيسابوري الحجة تلميذ مسلم كان واحد عصره حفظاً وثقةً ومعرفةً حج مرات . نظر إليه ابن خزيمة فقال : حياة أبي حامد تحجز بين الناس وبين الكذب على رسول الله A . توفي في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثلاث مائة .
؟ الصنوبري .
أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار بميم وراءين بيينهما ألف . أبو بكر الضبي الحلبي المعروف بالصنوبري الشاعر كان جده الحسن صابح بيت حكمة من بيوت حكم المأمون فتكلم بين يديه فأعجبه شكله ومزاحه فقال : إنك لصنوبري الشكل فلزمه هذا اللقب وتوفي أبو بكر هذا سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة وله ديوان مشهور وفيه مراثٍ جيدة في الحسين Bه ومن شعره في الورد : .
زعم الورد أنه هو أبهى ... من جميع الأنوار والريحان .
فأجابته أعين النرجس الغضّ ... بذلٍّ من قولها وهوان .
أيما أحسن التورد أم مق ... لة ريمٍ مرضية الأجفان .
أم فماذا يرجو بحمرته الخدّ ... إذا لم تكن له عينان .
فزهي الورد ثم قال مجيباً ... بقياسٍ مستحسنٍ وبيان .
إن ورد الخدود أحسن من عي ... نٍ صفرةٌ من اليرقان .
ومنه أيضاً : .
أرأيت أحسن من عيون النرجس ... أم من تلاحظهنّ وسط المجلس .
درٌّ تشقق عن يواقيتٍ على ... قضب الزمرّد فوق بسط السندس .
أجفان كافورٍ حبين بأعينٍ ... من زعفرانٍ ناعمات الملمس .
فكأنها أقمار ليل أحدقت ... بشموس أفقٍ فوق غصنٍ أملس .
مغرورقاتٌ من ترقرق طلها ... ترنو رنوّ الناظر المتفرس .
وإذا تغشّها الرياح تنفّست ... عن مثل ريح المسك أيّ تنفس .
ومنه أيضاً : .
يا ريم قومي الآن ويحك فانظري ... ما للربى قد أظهرت إعجابها .
كانت محاسن وجهها محجوبةً ... فالآن قد كشف الربيع حجابها .
وردٌ بدا يحكي الخدود ونرجسٌ ... يحكي العيون إذا رأت أحبابها .
ونبات باقلى يشبه نوره ... بلق الحمام مشيلةً أذنابها .
وكأن خرّمة البديع وقد بدا ... روس الطواوس إذ تدير رقابها .
والسرو تحسبه العيون غوانياً ... قد شمرت عن سوقها أثوابها