ثم التفت إليّ وقال ما العامل في الظرف في هذا البيت ؟ فقلت له : يا سيدي ما أشغلك ما أنت فيه عن النحو والنظر ؟ فقال : يا بنيّ ما يفيدني إذا حزنت ؟ ومن شعره أنشده الحافظ السلفي : .
كم جاهلٍ متواضعٍ ... ستر التواضع جهله .
ومميزٍ في علمه ... هدم التكبر فضله .
فدع التكبر ما حيي ... ت ولا تصاحب أهله .
فالكبر عيبٌ للفتى ... أبداً يقبّحٌ فعله .
؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ابن الطحّان الستيتي .
أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الله أبو الحسين الستيتي الدمشقي الأديب المعروف بابن الطحّان ؛ روى عن خثيمة وأبي الطّيب المتنبي الشاعروأبي القاسم الزجّاجي النحوي وكانت له أصول حسنة وهو من ولد ستيتة مولاة يزيد . توفي سنة سبع عشرة وأربعمائة .
؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ابن سالم الصوفي .
أحمد بن محمد بن سالم أبو الحسن البصري الصوفي ابن الصوفي المتكلم صاحب المقالة السالمية . له أحوال ومجاهدة وأتباع ومحبّون وهو شيخ أهل البصرة في زمانه عمَّر دهراً وأدرك سهل بن عبد الله التستريّ أخذ عنه وبقي إلى الستين والثلاثمائة .
؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى .
أحمد بن محمد بن سالم ابن أبي المواهب الحافظ بن صصرى الشيخ الإمام العالم قاضي القضاة نجم الدين أبو العباس الرَّبعي التغلبي الدمشقي الشافعي قاضي قضاة الشام . ولد سنة خمس وخمسين وحضر على الرشيد العطار في سنة تسع والنجيب عبد الطيف . وسمع بدمشق من ابن عبد الدايم وابن أبي اليسر وجدّه لأمه المسلم بن علاّن وتفقه على الشيخ تاج الدين ودخل ديوان الإنشاء ونظم ونثر وشارك في فنون . وكان فصيح العبارة قادراً على الحفظ يحفظه أربعة دروس : درساً للغزاليّة ودرساً للعادليّة ودرساً للناصريّة ودرساً للأتابكيّة ؛ وكان طويل الروح مسالماً محسناً إلى من أساء إليه بلغه أن الشيخ صدر الدين نظم فيه بليَّقةً فتحيّل إلى أن وقعت بخطّه في يده فتركها عنده إلى أن قيل له يوماً : إن الشيخ صدر الدين بالباب فقال : يدخل ووضع تلك الورقة مفتوحة على مصلاّه قد أمه فرآها الشيخ صدر الدين وعلم أنها خطه ولم يزل القاضي إلى أن تحقق أن صدر الدين رأى الورقة وعرفها فقال للطواشي : أحضر للشيخ ما عندك فأحضر له بقجة قماش بزبكند وبدلة وشاش وصرة فيها ستمائة أو خمسمائة درهم على ما قيل وقال هذه جائزة تلك البلَّقية . وكان يوماً قد توجه مغلساً إلى صلاة الصبح بالجامع فلما كان في الخضراء ضربه إنسان بمطرق كبير رماه إلى الأرض وظنه مات فلما أفاق حضر إلى بيته وكان يقول : أعرفه وما أذكره لأحد .
وأخبرني من لفظه الشيخ نجم الدين الصفدي C قال : تراهنّا فيما بين الموقّعين على أن أحدنا يسبقه بالسلام فلم نقدر على ذلك . وكان سريع الكتابة قيل لي إنه كتب في يومٍ خمس كراريس وكان ينطوي على دين وتعبّد وله أموال وخدمٌ ومماليك وهو من بيت حشمة . وقيل لي إنه قال يوماً للشيخ صدر الدين وغيره : فرّق ما بيننا أنني اشتغلت على الشمع الكافوري وأنتم على قناديل المدارس . وكان اشتغل بمصر عاى الأصبهاني في أصول الفقه ودرس بالعادليّة الصغرى وبالأمينية ثم بالغزاليّة مع قضاء العسكر ومشيخة الشيوخ بالشام وولي القضاء سنة اثنتين وسبعمائة إلى أن مات . وأذن لجماعة في الفتوى . وخرّج له الشيخ صلاح الدين العلائي مشيخة فأجازه عليها بجملة . وقيل إنه لم يقدر أحد يدلَس عليه قضية ولا يشهد زوراً . وكان متحرّياً في أحكامه بصيراً بقضاياها ولم أسمع عنه أنه ارتشى في حكومة . وتوفي بعد تعلل أصابه ببستانه فجاءة في نصف شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة .
وكان موته مفتاحاً لموت رؤساء دمشق وعلمائها . ورثاه شعراء ورثاه المرحوم شهاب الدين محمود . ولشعراء زمانه فيه مدائح كثيرة . وكان القاضي شهاب الدين محمود كتب للأمير علم الدين سنجر الدواداري يهنّئه بفتح طرابلس ويذكر جراحة أصابته بقصيدة أولها : .
ما الحرب الاّ الذي تدمى به اللَّمم ... والفخر إلا إذا زان الوجوه دمٌ .
ولا ثبات لمن لم تلق جبهته ... حدَّ السيوف ولا يثنى له قدم .
فكتب الجواب قاضي القضاة نجم الدين : .
وافى كتابك فيه الفضل والكرم ... فجلّ قدراً وجلّت عندي النعّم