أحمد بن محمد الدّورقي أحد شعراء العسكر يقول في الحسن بن وهب يهجوه : .
تنكّر آل وهبٍ للصديق ... ولم أك للتنكر بالمطيق .
وهبت مودة الحسن بن وهبٍ ... المساجد والطريق .
وعفت أخاه إذ قد كان يزهى ... بدين أبيه دين الجاثليق .
وله فيه وقيل في أخيه سليمان : .
لابدَّ يا نفس من سجود ... في زمن السوء للقرود .
هبّت لك الريح يا ابن وهبٍ ... فخذ لها أهبة الركود .
ابن درّاج القسطلي .
أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن درّاج الأندلسي القسطلّي الكاتب كاتب المنصور ابن أبي عامر وشاعره ؛ كان من جملة الفحول في شعراء المغاربة والعلماء المتقدمين . ذكره الثعالبي في اليتيمة وقال في حقه : كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام وهو أحد الشعراء الفحول وكان يجيد ما ينظم ويقول . وأورد له أشياء مليحة . وذكره ابن بسام في الذخيرة وساق طرفاً من رسائله ونظمه . وأمره المنصور ابن أبي عامر أن يعارض أبا نواس في قصيدته التي أولها : أجارة بيتينا أبوك غيور فأنشده قصيدة بليغه من جملتها : .
ألم تعلمي أنَّ الثَّواء هو التَّوى ... وأن بيوت العاجزين قبور .
تخّوفني طول السَّفار وإنه ... لتقبيل كفّ العامريّ سفير .
دعيني أرد ماء المفاوز آجناً ... إلى حيث ماء المكرمات نمير .
فإنَّ خطيرات الهالك ضمَّن ... لراكبها أن الجزاء خطير .
ومنها يصف وداعه زوجته وولده الصغير : .
ولّما تداعت للوداع وقد هفا ... بصبري منها أنه وزفير .
تناشدني عهد المودّة والهوى ... وفي المهد مبغوم النداء صغير .
عييُّ بمرجوع الخطاب ولحظه ... بموقع أهواء النفوس خبير .
تبوّأ ممنوع القلوب ومهّدت ... له أذرعٌ محفوفة ونحور .
فكلّ مفدّاة الترائب مرضع ... وكلُّ محيّاة المحاسن ظير .
عصيت شفيع النّفس فيه وقادني ... رواح لتدآب السُّرى وبكور .
لئن ودّعت مني غيوراً فإنّني ... على عزمتي من شجوها لغيور .
ولو شاهدتني والهواجر تلتظي ... علَّي ورقراق السَّراب يمور .
أسلَّط حرّ الهاجرات إذا سطا ... على حرّ وجهي والأصيل هجير .
وأستنشق النكباء وهي لوافح ... وأستوطن الرمضاء وهي تفور .
وللموت في عين الجبان تلوّن ... وللذعر في سمع الجريء صفير .
لبان لها أنّي من الضيم جازعٌ ... وأنّي على مضَّ الخطوب صبور .
ولو بصرت بي والسُّرى جلُّ عزمتي ... وجرسي لجنّان الفلاة سميرُ .
وأعتسف الموماة في غسق الدُّجى ... وللأسد في غيل الغياض زئير .
وقد حوَّمت زهر النجوم كأنها كواعب في خضر الحدائق حور .
ودارت نجوم القطب حتى كأنها ... كئوس مهاً والى بهنَّ مدير .
وقد خيّلت طرق المجرَّة أنّها ... على مفرق الليل البهيم قتير .
وثاقب عزمي والظلام مروع ... وقد غضّ أجفان النجوم فتور .
لقد أيقنت أنَّ المنى طوع همتّي ... وأنّي بعطف العامريّ جدير .
ومن شعر ابن درّاج : .
سأمنع قلبي أن يحنَّ إليك ... وأنهى دموعي أن تفيض عليك .
أغدراً ولم أغدر وخوناً ولم أخن ... لقد ضاع لي صدق الوفاء لديك .
أصدُّ بوجهي عن سنا الشمس طالعاً ... لأن صار منسوب الصفات إليك .
وأستفظع الشُّد اللّذيذ مذاقه ... لمطعمه الموجود في شفتيك .
وأصرف عن ذكراك سمعي ومنطقتي ... ولو نازعتنيه حمامة أيك .
ولو عن لي ظبي الفلاة اجتنبته ... لتمثال عينيك وسالفتيك .
ومن شعره يمدح المنصور ابن أبي عامر : .
كفّي شئونك ساعةً فتأمّلي ... فلعلّها بشرى الصباح المقبل .
وتنجّزي وعد المشارق وانظري ... واستخبري زهر الكواكب واسألي