وبظر أمّي ورحم أختي ... ولحيتي في خَرا عيالي .
ونع عمّي بلا امتراءٍ ... مدحرج في قذال خالي .
إن كنت عاينت قطّ غصناً ... مرّت به نسمة الشّمال .
؟ أحسن منه إذا تثنّى تميله نشوة الدَّلال .
؟ ابن مسكويه .
أحمد بن محمد بن يعقوب أبو علي الخازن صاحب التجارب ابن مسكويه مات فيما ذكره يحيى بن منده في تاسع صفر سنة إحدى وعشرين وأربعمائة . قال أبو حيان في كتاب الامتاع وقد ذكر طائفة من متكلمي زمانه ثم قال : وأما مسكويه ففقير بين أغنياء وعيّي بين أبيناء . وقال الثعالبي : في الذروة العليا من الفضل والأدب والبلاغة والشعر وكان في ريعان شبابه متصلاً بابن العميد مختصاً به وفيه يقول : .
لا يعجبنّك حسن القصر تنزله ... فضيلة الشمس ليست في منازلها .
لو زيدت الشمس في أبراجها مائةً ... ما زاد ذلك شيئاً في فضائلها .
ثم تنقلت به أحوال جليلة في خدمة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة وعظم شأنه وارتفع مقداره عن خدمة الصاحب ولم ير نفسه دونه . ولم يخل من نوائب الدهر حتى قال ماهو متنازع بينه وبين نفر من الفضلاء : .
من عذيري من حادثات الزمان ... وجفاء الإخوان والخلاّن .
قال : وله قصيدة في عميد الملك تفنّن فيها وهنأه باتفاق الأضحى والمهرجان في يوم وشكا سوء الهرم وبلوغه إلى أرذل العمر : .
قل للعميد عميد الملك والأدب ... اسعد بعيديك عيد الفرس والعرب .
هذا يشير بشرب ابن الغمام ضحى ... وذا يشير عشيّاً بابنه العنب .
خلائق خيّرت في كلّ صاحةٍ ... فلو دعاها لغير الخير لم تجب .
أعدت شرخ شبابٍ لست أذكره ... بعداً وزدت علّي العمر من كثب .
فطاب لي هرمي والعمر يلحظني ... لحظ المريب ولولا أنت لم يطب .
فإن تمرس بي خصم تعصّب لي ... وإن أساء إليّ الدهر أحسن بي .
وقد بلغت إلى أقصى مدى عمري ... وكلّ غربي واستأنست بالنوب .
إذا تملأت من غيظٍ على زمني ... وجدتني نافخاً في جذوة اللّهب .
وكان مسكويه مجوسياً وأسلم وكان عارفاً بعلوم الأوائل . ولابن مسكويه كتاب الفوز الأكبر وكتاب الفوز الأصغر وصنّف في التاريخ كتاب تجارب الأمم ابتدأه من بعد الطوفان إلى سنة تسع وستين وثلاثمائة . وله كتاب أنس الفريد وهو مجموع يتضمن أخباراً وأشعاراً مختارة وحكماً وأمثالاً غير مبوب وكتاب ترتيب العادات وكتاب المستوفى أشعار مختارة . وكتاب الجامع وكتاب جاوذان خرد وكتاب السير ذكر ما يسيّر به الرجل نفسه من أمور دنياه مزجه بالأثر والآية والحكمة والشعر . وكان ابن العميد اتخذه خازناً لكتبه