أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس أبو العباس ابن أبي بكر ابن أبي العزّ الفقيه الحنبلي البغداذي . قرا بالروايات على محمد بن الحسين المزرفي والبارع أبي عبد الله ابن الدبّاس وغيرهما . وقرأ الفقه على محمد بن محمد بن الفّراء وأبي بكر أحمد بن محمد الدينوري وحصّل منه طرفاً صالحا . وسمع الحديث الكثير من الشريف الحسين بن محمد بن علي الزينبي وأبي الغنائم محمد بن أحمد بن المهتدي وهبة الله ابن محمد بن الحصين وغيرهم وحدّث بالسير . وكان كثير الصوم والصلاة وتوفي سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة وأورد له صاحب المرآة بعدما قال : وزوجه جدّي ست العلماء أكبر بناته : .
أحبابنا لا سلمت من الرّدى ... يمين من يخون في اليمين .
بكيت دمعاً ودماً لبينهم ... وقرحت من أدمعي جفوني .
مذ رحلوا أحباب قلبي سحراً ... فالشوق والتذكار أودعوني .
فيا غراب بينهم لا سترت ... فراخك الأوراق في الغصون .
لئن حلفت أنّ عيشي بعدهم ... صافٍ لقد حنثت في يميني .
فكيف أشكو والوفاء مذهبي ... أم كيف أنسى والوداد ديني .
قالوا وقد ودّعتهم وأدمعي ... تجري وخوف البين يعتريني .
الصبر أحرى فاصطبر إن لعبت ... أيدي النّوى بقلبك المحزون .
قلت : شعر متوسط .
أبو عبيد الهروي .
أحمد بن محمد بن محمد ابن أبي عبيد أبو عبيد العبدي المؤدب الهروي الفاشاني بالفاء صاحب كتاب الغريبين . قال ابن خلّكان : هذا هو المنقول في نسبه ورأيت على ظهر كتاب الغريبين أنه أحمد بن محمد بن عبد الرحمن والله أعلم . قلت : وكذا أثبته ياقوت في معجم الأدباء . كان من العلماء الأكابر وما قصّر في كتابة المذكور ؛ كان يصحب أبا منصور الأزهري ويقال إنه كان يحب البذة ويتناول في الخلوة ويعاشر أهل الأدب في مجالس اللذة والطرب عفا الله عنا وعنه وأشار الباخرزي في ترجمة بعض أدباء خراسان إلى ذلك ؛ ذكره ابن الصلاح في طبقات الشافعية واشتغل على الخطابي أيضاً . وله كتاب ولاة هراة . وكتابه في الغريبين جيد إلى الغاية ورواه عنه أبو عمرو عبد الرحمن بن أحمد المليحي وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد الأردستاني . وتوفي سنة إحدى وأربعمائة .
أخو الغزالي .
أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي مجد الدين أخو حجة الإسلام أبي حامد الغزالي . كان واعظاً مليح الوعظ حسن المنظر صاحب كرامات وإرشارات وكان من الفقهاء خلا أنه مال إلى الوعظ فغلب عليه . ودرَّس بالنظامية عن أخيه لما ترك التدريس واختصر كتاب الإحياء في مجلّدة وسماه لباب الإحياء . وله الذخيرة في علم البصيرة . طاف البلاد وخدم الصوفية بنفسه . وكان يميل للانقطاع والعزلة . ولّما قرأ المقرئ في بعض مجالس وعظه قوله تعالى " يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم " قال : شرفهم بياء الإضافة إلى نفسه بقوله يا عبادي ثم أنشد : .
وهان علّي اللّوم في جنب حبّها ... وقول الأعادي إنه لخليع .
أصم إذا نوديت باسمي وإنّني ... إذا قيل لي يا عبدها لسميع .
قال ابن خلكان : يشبه قول القائل : .
لا تدعني إلاّ بيا عبدها ... لأنه أشرف أسمائي .
ولما ذكر آدم وأنه وهب لابنه داود عمراً ثمّ جحده قال : جاءه ملك الموت فتمنّع وكأنَّ لسان الحال خاطب الروح : أنت التي نحت على نفسك لّما أمرت بالدخول في هذا الجسد وقلت : بيت مظلم مستقذرٌ فما الذي يصعب عليك من الخروج عنه . فكأنها أجابت بلسان الحال : .
نزلنا كارهين لها فلمّا ... ألفناها خرجنا مكرهينا .
وما حبُّ الديار بنا ولكن ... أمر العيش فرقة من هوينا .
وسئل عن قوله تعالى في قول الخليل عليه السلام " أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنَّ قلبي " وقول علي Bه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا . فقال : اليقين يتصوًر عليه الجحود والطمأنينة لا يتصور عليها الجحود . قال الله تعالى " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم " وسئل عن آدم وإبليس فقال : لم يدر ذلك المسكين أن أظافر القضاء إذا حكّت أدمت وقسي القدر إذا رمت أصمت وأنشد : .
وكنت وليلى في صعودٍ من الهوى ... فلّما توافينا ثبتّ وزلّت