أحمد بن محمد بن محمد بن النقيب الشهرستاني أبو العباس . ولد بتكريت ونشأ بها وقدم بغداذ وتفقه بها على المذهب الشافعي وقرأ النحو واللغة على أبي منصور ابن الجواليقي وسمع الحديث من جماعة وحدّث . ذكر كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن سعيد الأنباري النحوي أنه قرأ عليه فتيا فقيه العرب لابن فارس سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة . وولي الحسبة ببغداذ سنة سبع وثلاثين وحسنت سيرته وكان أديباً فاضلاً له نظم جيد ومصنفات ومن نظمه قوله : .
يا من له الدّنيا مع الآخره ... لم أجد شخصاً أمينا .
وانتهت حالي إلى أن ... صرت للبيت خدينا .
أمدح الوحدة حيناً ... وأذمّ الجمع حينا .
إنّما السّالم من لم ... يتّخذ خلقاً قرينا .
أبو العباس السرخسي الحنفي .
أحمد بن محمد بن محمد بن السرخسي الوزيري أبو العباس ابن أبي بكر الفقيه الحنفي البغداذي . كان يخدم لقاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي . سمع الشريفين : أبا نصرٍ محمداً وأبا الفوارس طراداً ابني محمد بن علي الزينبي . وروى عنه أبو القاسم ابن عساكر وأبو سعد ابن السمعاني . توفي سنة سبع وأربعين وخمسمائة .
أبو العباس العباسي الحويزي .
أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان أبو العباس العباسي من أهل الحويزة من خوزستان . قدم بغداذ وتفقه بالنظاميه وكانت له معرفة بالأدب ونقول واختص بالديوان ورتّب ناظراً في الأعمال وعلت منزلته وظلم الناس وتعدّى وارتكب العظائم وكان مع ذلك عابداً قانتاً متهجّداً كثير البكاء والخشوع والأوراد . وربما أتاه الأعوان فقالوا : إنّ فلاناً ضربناه ضرباً عظيماً ولم يحمل شيئاً وهو عاجز فيبكي ويقول : ياسبحان الله قطعتم علّي وردي واصلو عليه الضرب ثم يعود إلى ورده ولا يخون في مال الدولة حتى في الشيء اليسير . هجم عليه الحمام ثلاثة من الشراة فقطّعوه بالسيف ومن شره : .
إن أعر من طلّ ومن تهتان ... فلأنّني فوق السحاب مكاني .
ألفت مزاحمة الكواكب همّتي ... فبليلها بدد من الشّهبان .
سدك التغرّب بي فقلت لصاحبي ... إنّ العلى تقصى عن الأوطان .
أوما ترى البيض المؤلّلة الظّبي ... ينكسن مهما دمن الأجفان .
ومنه قوله من قصيدة مدح بها الوزير أبا علي ابن صدقة : .
أحببت ريّا طامعاً في ريّها ... فكرعت منها في رياض هيام .
قد جرت إذ قسّمت منك حظوظنا ... أعزز بهذا الجائر القسّام .
كلّ ينازعني دعاوي ودّكم ... فعلام أفرد في ضنىً وغرام .
نسبوا بكم ونسبت إلآّ أنكم ... سويتم المنطيق بالتمتام .
وخلطتم سور الكتاب ببعضها ... فجعلتم الشعراء في الأنعام .
منها : .
خير الأنام يسوس خير وزارةٍ ... في خير أيام لخير إمام .
يابحر أفسدت العفاة على الورى ... هيهات أن يرضوا بصوب غمام .
شاموا بوجهك غير برقٍ خلّبٍ ... واستمطروا بيديك غير جهام .
لا افترّ منك الدست عن عدمٍ ولا ... شابت لديك ذوائب الأقلام .
وأورد له العماد الكاتب في الخريدة مدائح في عمه العزيز منها قوله : .
الصبُّ مغلوب على آرائه ... فهبوه معشر عاذليه لدائه .
ومتى يرجّي اللائمون سلوّه ... باللوم وهو يزيد في إغرائه .
والعذل كالنّفس الضعيف بعثته ... يطفي الضرام فجدّ في إذكائه .
ما كنت أبخل بالفؤاد على لظًى ... لولا حبيب حلّ في حوبائه .
ولقد سكنت إلى مصاحبة الضنّى ... لما حمدت إليه حسن وفائه .
وسلبت من ظمأ المطامع نطفةً ... في الوجه قد حبست على إروائه .
أين الخليل فما أرى إلاّ الذي ... إن برّ أعقب برّه بجفائه .
ولربّ خلٍّ كان قبل بلوغه ... أقصى العلى حدباً على خلطائه .
وكذلكم قرص الغزالة كلّما ... يعلو يكفُّ علاه من أفيائه