فقال لي : ارجع إلى منزلك وافعل ما آمرك به فرجعت . فبعث إليّ سبعة آلاف دينارٍ وقال : ادّخر هذه للحوادث بعدي ولك عليّ الجراية والكفاية ما دمت حيا . وقال في عبيد الله بن يحيى وقد صار إلى بابه فحجبه : .
قالوا اصطبارك للحجاب مذلّة ... عارٌ عليك مدى الزمان وعاب .
فأجبتهم ولكلّ قولٍ صادقٍ ... أو كاذبٍ عند المقال جواب .
إني لأغتفر الحجاب لماجدٍ ... أمست له مننٌ علّي رغاب .
قد يرفع المرء الئيم حجابه ... ضعةً ودون العرف منه حجاب .
وله من الكتب كتاب البلدان الصغير . كتاب البلدان الكبير ولم يتم . كتاب جمل نسب الأشراف وهو كتابه المعروف المشهور به ؛ كتاب الفتوح . كتاب عهد أردشير ترجمه بشعر . وكان أحد النقلة من الفارسي إلى العربي .
الناصر .
أحمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب Bه هو الناصر ابن الهادي . وسيأتي ذكر كل واحد من أبيه وأجداده في مكانه إن شاء الله تعالى ؛ ولي الناصر هذا بعد أخيه محمد المرتضي - وقد تقدم ذكره في المحمدين - لما مات أخوه في يوم عاشوراء سنة عشرين وثلاثمائة بصعدة فاستقامت به دولتهم . وكان من فحول الشعراء وله القصيدة التي خاطب بها أسعد بن يغفر التبّعي ملك صنعاء وأولها : .
أعاشق هندٍ شف قلبي المهنّد ... به أبصرت عيني المعالي تشيّد .
ومنها : .
إذا جمعت قحطان أنساب مجدها ... فيكفي معدّاً في المعالي محمد .
به استعبدت أقيالها في بلادها ... وأصبح فيها خالق الخلق يعبد .
وسرنا لها في حال عسرٍ ووحدة ... فصرنا على كرسيّ صعدة نصعد .
فإن رجعوا للحقّ قلنا بأنهم ... لدين الهدى وجه ومنهم لنا يد .
ولكن أبوا إلا لجاجاً وقد رأوا ... بأنّا عليهم كلّ حين نسوّد .
ولا منبرإلاّ لنا فيه خطبةٌ ... ولا عقد ملكٍ دوننا الدهر بعقد .
وتوفي C سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وولي بعده المنتجب الحسين ابن أحمد .
ثعلب .
أحمد بن يحيى بن سيار أبو العباس ثعلب الشيباني مولاهم النحوي اللغوي إمام الكوفيين في النحو واللغة والثقة والديانة . ولد سنة مائتين ومات سنة إحدى وتسعين ومائتين . رأى أحد عشر خليفة أولهم المأمون وآخرهم المكتفي . وثقل سمعه قبل موته . خلّف أحد وعشرين ألف درهم وألفي دينار ودكاكين باب الشام قيمتها ثلاثة آلاف دينار وضاع له قبل أبي أحمد الصيرفي ألف دينار وردّ ماله على ابنته . وسمع محمد بن سلام الجمحي ومحمد ابن زياد الأعرابي وعلي بن المغيرة الأثرم وإبراهيم بن المنذر الحرّاني وسلمة ابن عاصم وعبيد الله بن عمر القواريري والزبير بن بكار وخلقاً كثيرين . وروى عنه محمد بن العباس اليزيدي وعلّي بن سليمان الأخفش وإبراهيم بن محمد بن عرفة ونفطويه وأبو بكر ابن الأنباري وأبو عمر الزاهد وأحمد بن كامل القاضي . وكان يقول : سمعت من القواريري مائة ألف حديث . قال العجّوزي : صرت إلى المبرد مع القاسم والحسن ابني عبيد الله بن سليمان ابن وهب فقال لي القاسم : سله عن شيء من الشعر . فقلت : ما تقول أعزك الله في قول أوسٍ : .
وغيرها عن وصلها الشيب إنه ... شفيع إلى بيض الخدود مدرّب .
فقال : بعد تمكّث وتمهّلٍ وتمطّقٍ : يريد أن النساء أنسن به فصرن