فرخم الله ذلك الوجه وبلّغه ما يرجوه وضوّأه بالمغفرة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه . لقد فقد المجد المؤثل منه ركناً تتكثر به الجبال فما تقله ولا تستقله وعدمت الآداب منه بارعاً لو عاصره الجاحظ ما كان له جاحداً والبيع علم أن ما فض له فضله وغاب عن الإنشاء منه كاتب ليس بينه وبين الفاضل لولا أخوه مثله . أترى ابن المعتز عناه بقوله : .
هذا أبو العباس في نعشه ... قوموا انظروا كيف تزول الجبال .
وما يقول المملوك في هذا البيت الكريم إلا إن كان قد غاب بدره وأفل شهابه أو غاض قطره وتقشّع سحابه فإن نيّره الأعظم باق في أوجه وبحره الزاخر متلاطم في موجه وفي بقاء مولانا خلف عمن سلف وعوض عما انهدم ركنه أو نقض وجبر لمن عدم الجلد والصبر والله يمتع الوجود بحياته ويجمع له بين ثوابه وثباته لأنه قد عاش الدّر المفديّ بالذهب وأضاءت شمس المعالي إن كان قد خمد اللّهب : .
علم الله كيف أنت فأعطا ... ك المحلّ الجليل من سلطانه .
جعل الدّين في ضمانك والدن ... يا فعش سالماً لنا في ضمانه .
وقد نظم المملوك قصيدةً مختصرة في رثاء المشار إليه وجعل ألفاظها تبكيه وقوافيها تنوح عليه وهي : .
الله أكبر يا ابن فضل الله ... شغلت وفاتك كلّ قلبٍ لاه .
كلّ يقول وقد عرته كآبة ... واهاً لفقدك إن صبري واه .
فقدت بك الأملاك بحر ترسلٍ ... متلاطم الأمواج بالأمواه .
يا وحشة الإنشاء منك لكاتبٍ ... ألفاظه زهر النجوم تباهي .
وتوجع الأشعار فيك لناظمٍ ... من لطفه لشذا النسيم يضاهي .
كم أمسكت يمناك طرساً أبيضاً ... فأعدته في الحال طرزاً باهي .
كم قد أدرت من القريض قوافياً ... هي نشوة الناشي وزهو الزاهي .
ورسالة أنشأتها في حانة النّبا ... ذِ حازت حضرة الفكّاه .
ووضعت في الآداب كلّ مصنّفٍ ... قالت له البلغاء زاهٍ زاه .
كم قد خطرت على المجرّة رافلاً ... يوم الفخار بمعطفٍ تياه .
شخصت لعلياك النجوم تعجباً ... ولك السّهى يرنو بطرفٍ ساه .
ما كنت إلاّ واحد الدهر الذي ... يسمو على الأنظار والأشباه .
من بعدك الكتاب قد كتبوا فما ... يجدون منجاةً لهم من جاه .
أقلامهم قد أملقت ورمى الردى ... أدواتهم ودواتهم بدواهي .
وطروسهم لبست حداد مدادها ... أسفاً عليك مؤكداً بسفاه .
أما القلوب فإنّها رهن الأسى ... ترد القيامة وهي فيك كما هي .
أبداً يخيّل لي بأنك حاضر ... تملي الفؤاد لي وأنت تجاهي .
فتعزّ فيه واصطبر لمصابه ... يا خير مولّى آمرٍ أو ناهي .
فدوام ظلّك في البرية نعمة ... ولشكرها حتم على الأفواه .
لا زال جدّك في المبادىء صاعداً ... رتباً سعادتها بغير تناهي .
إن شاء الله تعالى .
أحمد بن يزيد .
أبو جعفر المهلبي .
أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي أبو جعفر . أديب شاعر راوية ذكره المرزباني في معجمه وله قصيدة مدح فيها الموفق يهنئه بفتح البصرة منها : .
قل للأمير هناك النصر الظفر ... وفيهما للإله الحمد والشكر .
ما فوق فتحك فتح للفتوح كما ... ما فوق فخرك يوم الفخر مفتخر .
يا ابن الخلائف قد أو دعتنا نعماً ... أخرى الليالي فما يعفو لها أثر .
راح الظلام وراح الصبح منصدعاً ... للناظرين المسالك والأمصار والكور .
إن الأمير إذا صحّت عزيمته ... أضحت له نوب الأيام تأتمر .
وكتب إلى القاسم بن محمد الكرخي يهنئه بزوال نكبةٍ نالته من أبيات : .
ليهنك أمن بعد سبلٍ مخوفةٍ ... وما خير سبل المجد إلاّ مخوفها .
؟ وعطفه رأي من مليكٍ مسلّط وأفضل آراء الملوك عطوفها .
وإن صروف الدهر تلعب بالفتى ... أفانين والأيام جدٌ صروفها .
قلت : شعر متوسط