الحلواني المقرىء .
أحمد بن يزيد الحلواني المقرىء أحد الأئمة . قرأ على قالون وعلى هشام ابن عمار وخلف بن هشام ومات في حدود الستين ومائتين .
ابن أبي خالد وزير المأمون .
أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن أبو العباس ابن أبي خالد الأحول الكاتب مولى عاصم بن الوليد بن عتبه بن ربيعة أصله من الأردن . كاتب كتب لأمراء دمشق وترقت حاله إلى أن وزر للمأمون بعد الحسن بن سهل أخي ذي الرياستين وكان يكنى والده ولا يسميه خوفاً من المأمون . قال الصولي حدثني القاسم بن إسماعيل سمعت إبراهيم بن العباس يقول : بعثني أحمد بن أبي خالد إلى طلحة بن طاهر فقال لي قل له : ليست لك ضيعة بالسواد وهذه ألف ألف درهم بعثت بها إليك لم أبعث بها جاهاً ولا مالاً واشتر بها ضيعة ووالله لئن فعلت لتبرّنني وإن عصيت لتعصينّني فردّها وقال : أنا أقدر على مثلها وأخذ واغتنام الحال بيننا يرتفع عن أن يزيد في الوداد أخذها أو ينقصه ردها . قال إبراهيم : فما رأيت أكرم منهما . وكان أحمد سيّء اللقاء عابس الوجه يهرّ في وجه الخاص والعام غير أن فعله أحسن من لقائه . وكان من عرف أخلاقه وصبر على مداراته نفعه وأكسبه . وركب من داره يريد دار المأمون فلما رأى كثرة الناس حوله قال : قد ضيقتم علّي طريقي وشغلتموني عن خدمة السلطان فقال له رجل عمريّ : احمد الله فقد أعطاك ما لم يعطه نبيه عليه اللام قال : وما ذاك ؟ قال : لأنّه يقول " ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك " .
وأنت فظ غليظ ونحن نتكاثر عليك . قال : فما حاجتك ؟ قال ترتيبي في دار أمير المؤمنين قال : قد فعلت قال : وتقضي ديني قال : كم هو ؟ قال ثلاثين ألف درهم قال : قد قضيته . وكان شرهاً وحكاياته في ذلك معروفة فأجرى المأمون عليه كل يوم ألف درهم لمائدته لئلا يشره إلى طعام الناس ويمدّ إلى هدية تأتيه حتى قال فيه دعبل : .
شكرنا الخليفة إحرازه ... على ابن أبي خالدٍ نزله .
فكفّ أذاه عن المسلمين ... وصيّر في بيته أكله .
؟ وقد كان يقسم أشغاله فصيّر في نفسه شغله وقال : قرأ ابن أبي خالد على الممون قصص الناس وجاع فمرت به قصة فيها فلان ابن فلان اليزيدي فقرأه الثريدي فقال الخليفة : يا غلام صحفةً مملوءة ثريداً لأبي العباس فإنه أصبح جائعاً فقال : ما أنا بجائع ولكن صاحب القصة أحمق نقط على الياء ثلاث نقطٍ فقالٍ ما أنفع حمقه لك . وأحضرت الصحفة فخجل أحمد فقال المأمون : بحياتي عليك إلاّ ما ملت إليها . فأكل حتى اكتفى وغسل يده وعاود القراءة فمرت به قصة وعليها فلان ابن فلان الحمصي فقرأها الخبيصي . فقال المأمون : يا غلام جام مملوّ خبيصاً فقال : يا سيدي صاحب القصة أحمق فتح الميم سنّتين فقال : لولا حمقه وحمق صاحبه متّ أنت اليوم جوعاً ؛ فأتي بالجام الخبيص فقال له المأمون : بحياتي عليك إلاّ ما ملت إليه فأكل وغسل يده وعاود القراءة فما صحّف حرفاً حتى انقضى المجلس . وقال ابن أبي خالد كنت بين يدي المأمون أكلمه فحضرتني عطسة فرددتها ففهم المأمون ذلك فقال : يا أحمد لم فعلت ذلك ؟ أما علمت أنه ربما قتل ولسنا نحمل أحداً على هذه الخطة . فدعوت له وقلت له : يا أمير المؤمنين ما سمعت كلمة لملك أشرف من هذه قال : بلى كلمة هشام حين أراد الأبرش الكلبي أن سوّي عليه ثوبه فقال له هشام : إنا لا نتخذ الإخوان خولاً . ولّما توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين صلّى عليه المأمون ووقف على قبره فلما دلّي فيه قال : رحمك الله أنت والله كما قال الشاعر : .
أخو الجدّ إن جدّ الرجال وشمّروا ... وذو باطلٍ إن كان في القوم باطل