أحمد بن يعيش بن شكيل - بفتح الشين المعجمة وكسر الكاف وسكون الياء آخر الحروف وبعدها لام - الصّدفي أبو العباس الشريشي . قال ابن الأبار في تحفة القادم : أحد الشعراء الفحول مع نزاهة سابغة الذيول وله ديوان شعر وقفت عليه وتخيرت منه ما نسبته إليه وتوفي معتبطاً سنة خمس وستمائة . وله في مقتل أبي قصبة الخارج في جزولة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وفيها افتتحت جزيرة منورقة - بالنون - : .
الله أطفأ ما أذكى أبو قصبه ... من حربه وأزال السّحر بالغلبه .
أمر الخليفة وافاه على عجلٍ ... يدعوه للحقّ لما اغتره كذبه .
فمن أراد سؤالاً عن قضيته ... فجملة الأمر أنّ الحق قد غلبه .
لقد شفى النفس أن وافى بهامته ... صدر القناة مكان الصدر والرقبه .
لما استمرّ جماحاً في ضلالته ... عادت عليه لجاماً تلكم القصبه .
كانت عصاه التي غرّ الأنام بها ... لما يقرّب من نار الوغى حطبه .
يا خجلة القلم المحمود إذ ذكروا ... أنّ البراعة للأقلام منتسبه .
أطلّ يعثر في أذيال مشيته ... من الحياء ويلحى قومه الخلبه .
قد أحزنته شماتات السيوف به ... لّما ولين وأضحى حائن العصبه .
كم من حسام لدى الهيجاء منصلتٍ ... لا يردع الدّرع حدّيه ولا اليلبه .
ينهل قطر المنايا من مضاربه ... كأن مزناً بأعلى مزنه سكبه .
كأنه الجدول السيّال يجذبه ... كفّ النسيم إذا ما ميّلوا شطبه .
وقال من قصيدة : .
ألبستنا العذل أبراداً مفوّفةً ... ونحن بالحمد والذكرى نوشّعها .
ذمّ الزمان فأبداكم لنحمده ... وتلك حجّة صدقٍ ليس يدفعها .
وشقّ حجب خفاياه فلحت كما ... ينشقّ عن جبهة الغراء برقعها .
وقال في حمّام : .
تلهي العيون رقومه فكأنها ... قد ألبست ساحاته ديباجا .
مجموعة أضداده فترى بها ... نار الغضا والوابل الثجّاجا .
حرّان منسكب الدموع كأنما ... يحكي بذاك العاشق المهتاجا .
دحيت بسيطة أرضه من مرمرٍ ... فجرى الزجاج به وثار عجاجا .
وجلت سماوته السماء وإنّما ... جعلت مكان النّيرات زجاجا .
قامت على عمد جلين عرائساً ... فترى لها السّمك المكلّل تاجا .
وقال في سوسنة أودعت شقيقةً : .
سوسنةٌ بيضاء قد أودعت ... شقيقةً قانية البرد .
أبيضها ينشق عن أحمرٍ ... كالبرقع انشقّ عن الخدّ .
وقال أيضاً : .
مفتتن في نفسه فاتن ... لغيره ليس له كنه .
جال على مرآته لحظه ... فانعكس السحر به عنه .
أبرزه الحمّام في حليةٍ ... من عرقٍ لؤلؤها منه .
يحيا به الوجد وذاك اسمه ... فلا يسلني أحدٌ من هو .
قد قلت للبدر امتحاناً له ... كن مثله يا بدر أو كنه .
أحمد بن يوسف .
وزير المأمون .
أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب القفطي أبو جعفر من أهل الكوفة . كان يتولى ديوان الرسائل للمأمون وكان أخوه القاسم بن يوسف يدعى أنّه من بني عجل ولم يدّع أحمد ذلك . قال المرزباني : كان مولّى لبني عجل ومنازلهم الكوفة . وزر أحمد للمأمون بعد أحمد ابن أبي خالد ومات في قول الصولي سنة ثلاث عشرة وقال غيره : سنة أربع عشرة ومائتين . وكان أحمد وأخوه شاعرين أديبين وأولادهما جميعاً أهل الأدب يطلبون الشعر والبلاغة . حدّث الصولي عن أبي الحارث النوفلي قال : كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروه نالني منه فلما مات أخوه الحسن قلت على لسان ابن بسام : .
قل لأبي القاسم المرجّى ... قابلك الدهر بالعجائب .
مات لك ابن وكان زيناً ... وعاش ذو الشّين والمعائب .
حياة هذا كموت هذا ... فليس تخلو من المصائب .
وإنّما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب : .
أنت تبقى ونحن طرّاً فداكا ... أحسن الله ذو الجلال عزاكا