ماجد أولياؤه في رشاد ... وعداه فسوف يلقون غيّا .
وفتًى بالسماح صبّ رشيد ... أوتي العلم حين كان صبيّا .
بلبان الكمال غذّي طفلاً ... ونشا يافعاً غلاماُ زكيّا .
لم يزل منذ كان براً تقياً ... وافياً كافياً وكان نقيّا .
جعل الله في ادخار المعالي ... كعلاه لسان صدق عليّا .
كم عديم الثراء أثنى عليه ... وانثنى واجداً أثاثاً وزيّا .
وأولو الفضل حين أمّوا قراه ... أكلوا رزقه هنيّا مريّا .
تمت .
الأحوال الكاتب .
أحمد المحرر يعرف بالأحول . كان في أيام الرشيد والمأمون وبعد ذلك شخص مع محمد بن يزداد وزير المأمون عند شخوص المأمون إلى دمشق . فشكا يوماً إلى أبي هارون خليفة محمد بن يزداد الوحدة والغربة وقلّة ذات اليد وسله أن يكلم له محمداً في سؤال المأمون ليبرَّه بشيء . ففعلا ذلك ورأى محمد ابن يزداد من المأمون بسطة فكلمه فيه وعطّفه عليه فقال المأمون : أنا أعرف الناس به ولا يزال بخير ما لم يكن معه شيء فإذا رزق فوق القوت بذرَّه ولكن أعطه لموضع كلامك أربعة آلاف درهم ؛ فعرّفه ما قاله المأمون ونهاه عن الفساد وأعطاه المال فلما قبضه ابتاع غلاماً بمائة دينار واشترى سيفاً ومتاعاً وأسرف في ما بقي بعد ذلك حتى لم يبق معه شيء فلما رأى الغلام ذلك أخذ كلَّ ما في بيته وهرب فبقي عرياناً في أسوإ حال وصار إلى أبي هارون خليفة محمد بن يزداد فأخبرهن فأخذ أبو هارون نصف طومار ونشره ورفع في آخره : .
فرّ الغلام فطار قلب الأحوال ... وأنا الشفيع وأنت خير معوَّل .
ثم ختمه ودفعه إليه وقال امض به إلى محمد . فمضى به فلما رآه محمد بن يزداد قال له : ما في كتابك ؟ قال : لا أدري . فقال : هذا من حمقك تحمل كتاباً لا تدري ما فيه ثم فضّه فلم ير شيئاً فجعل ينشره وهو يضحك حتى أتى على آخره فوقف على البيت ووقع تحته : .
لولا تعنّت أحمدٍ لغلامه ... كان الغلام ربيطه بالمنزل .
ثم ختمه وردَّه به إلى خليفته . فقال له الله الله فيّ ارحمني جعلت فداك فرقّ له ووعده لأن يكلم المأمون في أمره . فلما وجد خلوة شرح له ما جرى من أمره أجمع فأمر المأمون بإحضاره فلما وقف بين يديه قال له : يا عدوَّ الله تأخذ مالي وتشتري به غلاماً حتى يفر منك ؟ فارتاع لذلك وتلجلج لسانه فقال : جعلت فداك يا أمير المؤمنين ما فعلت قال : ضع يدك على رأسي واحلف أنّك لم تفعل . فجعل محمد بن يزداد يأخذ بيده لذلك والمأمون يضحك ويشي إليه أن ينحيها ثم أمر له بإجراء رزق واسع في كل شهر ووصله مرّة بعد مرّة حتى أغناه وكان يعجبه خطّه .
؟ ؟ النهرجوري الشاعر .
أبو أحمد العروضي النهروجوري الشاعر له في العرض تصانيف وهو حاذق فيه يجري مجرى أبي الحسين العروضي والعمراني وغيرهما وهو في الشعر متوسط الطبقة . مات قبل الثلاث وأربعمائة لظهور قمل في جسمه فكان يحكّه إلى أن مات . وكان شيخاً قصيراً شديد الأدمة سخيف اللبسة وسخ الجملة سيءّ الجملة سيءّ المذهب متظاهراً بالإلحاد غير مكاتم له ولم يتزوج قط ولا أعقب . وكان قوي الطبقة في الفلسفة وعلوم الأوائل متوسطاً في العربية . وكان ثلاّبة للناس هجاء قليل الشكر لمن يحسن إليه من شعره : .
من عاذري من رئيسٍ ... يعدُّ كسبي حسبي .
لما انقطعت إليه ... حصلت منقطعاً بي .
فسمع ذلك أبو العباس ابن ماسرجس فقال : هذا تدليس منه وأنا المقصود بالهجو وإنّما قال : من عاذري من وزيرٍ . فلما مات النهرجوري حملت مسوّداته إليه فوجد القطعة كما قال .
وقال يهجو امرأة : .
تموت من شهوة الضراط ولا ... يسعدها دبرها بتصويت .
كأنّها إذ تناك خابية ... تغسل ملقيةً لتزفيت .
وقال أيضاً : .
لو كان يورث بالمشابه ميت ... لملكت بالأعضاء ما لا يملك .
نغل مخايله تخبِّر أنّه ... في الناس من نطف الجميع مشبّك .
ومدح أبا الفرج منصور بن سهل المجوسي عامل البصرة فأعطاه صلة حاضرة هنية فالتف به الحاشية فطالبوه فكتب رقعة ودفعها إلى بعض الداخلين إليه وقال سلّم هذه إلى الأستاذ وكان فيها :