لا تستعر جلداً على هجرانهم ... فقواك تضعف عن صدود دائم .
واعلم بأنك إن رجعت إليهم ... طوعاً وإلاّ عدت عودة راغم .
قال العماد الكاتب تناشدنا بيتاً للوزير المغربي في وصف خفقان القلب وهو : .
كأن قلبي إذا عنّ ادّكاركم ... ظلُّ اللواء عليه الريح تخترق .
فقال لي الأمير أسامة قد شبهت القلب الخافق وبالغت في تشبيهه وأربيت عليه في قولي من أبيات وهي : .
أحبابنا كيف اللقاء ودونكم ... عرض المهامه والفيافي الفيح .
أبكيتم دمعي دماً لفراقكم ... فكأنّما إنسانها مجروح .
وكأنّ قلبي حين يخطر ذكركم ... لهب الضّرام تعاورته الريح .
فقلت له : صدقت فإن المغربيّ قصد تشبيهه خفقان القلب وأنت شبهت القلب الواجد باللهب وخفقانه باضطرابه عند اضطرامه لتعاور الريح فقد أربيت عليه . قال : وأنشدني له في غرضٍ له في نور الدين الشهيد : .
سلطاننا زاهد والناس قد زهدوا ... له فكلٌّ على الخيرات منكمش .
أيامه مثل شهر الصوم خالية ... من المعاصي وفيها الجوع والعطش .
وأنشدني له : .
وأعجب ما لقيت من الليالي ... وأيٌّ فعالها بي بم يسؤني .
تقلّب قلب من مثواه قلبي ... وجفوة من ضممت عليه جفني .
وأنشدني له : .
انظر إلى لاعب الشطرنج يجمعها ... مغالياً ثم بعد الجمع يرميها .
كالمرء يكدح في الدنيا ويجمعها ... حتى إذا مات خلاّها وما فيها .
وله في الهزل : .
خلع الخليع عذارة في فسقه ... حتى تهتك في بغاً ولواط .
يأتي ويوتى ليس ينكر ذا ولا ... هذا كذلك إبرة الخياط .
وله القصيدة الميمية التي كتبها من مصر إلى دمشق في أيام نبي الصوفي وضمنها كثيراً من قصيدة المتنبي وهي : .
ولُّوا فلمّا رجونا عدلهم ظلموا ... فليتهم حكموا فينا بما علموا .
ما مرّ يوماً بفكري ما يريبهم ... ولا سعت بي إلى ما ساءهم قدم .
وهي قصيدة مليحة في العتاب وله أيضاً : .
إلى الله أشكو فرقةً دميت لها ... جفوني وأذكت بالهموم ضميري .
تمادت إلى أن لاذت النفس بالمنى ... وطارت بها الأشواق كلَّ مطير .
فلما قضى الله اللقاء تعرَّضت ... مساءة دهري في طريق سروري .
وله أيضاً : .
قالوا نهته الأربعون عن الصبّا ... وأخو المشيب يجور ثمّت يهتدي .
كم حار في ليل الشباب فدلّه ... صبح المشيب على الطريق الأقصد .
وإذا عددت سنيَّ ثم نقصتها ... زمن الهموم فتلك ساعة مولدي .
وله من التصانيف كتاب القضاء كتاب الشيب والشباب ألّفه لابنه كتاب ذيل اليتيمة للثعالبي . كتاب تاريخ أيامه . كتاب في أخبار أهله .
الليثي المدني .
أسامة بن زيد الليثي مولاهم المدني من كبار العلماء . قال ابن معين : ليس به بأس واختلف قول القطان فيه وقال النسائي : ليس بالقوي . روى عنه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وتوفي في حدود الستين والمائة .
علم الدين الكاتب .
أسامة بن محمد بن عبد الوارث علم الدين الأسدي - أسد قريش - الأبهري الأصل المصري يكنى أبا الأشبال . أخبرني الإمام العلامة أثير الدين من لفظه قال : كان المذكور كاتباً ناظماً ناثراً ممتعاً بالحديث حسن المفاكهة رأيته بدمياط والقاهرة أنشدني يوم الأحد الثالث والعشرين من شهر رجب سنة تسعين وستمائة بثغر دمياط يصف حمَّاماً : .
حمّامنا لمن دخل ... خالية من الخلل .
قد وضعت بحكمةٍ ... على مزاج معتدل .
يرى بها والجها ... وجه الزمان مقتبل .
فطرف من يدخلها ... يسرح منها في حلل .
جمالها إن فصِّلت ... أجزاؤه كان جمل .
لا خطر في وصف ما ... قد جمعت ولا خطل .
إن بلَّ من مياهها ... جسم من البلوى أبلّ .
وهو رواء من غلل ... وهو شفاء من علل .
يحكم في إطلاقه ... كما يريد من دخل .
فماؤها الحار من ال ... حار الغريزي أجلّ